يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ

إن قراءة القرآن الكريم لها أصولها المعروفة عند العلماء ولها آداب خاصة قررها أهل العلم ووقوف القارئ على لفظ ( عَلَيْكَ ) في الآية  إن لم يكن وقفه ضرورياً فهو تلاعب في كتاب الله وسوء أدب مع كلام الله سبحانه وتعالى ، لأن وقوفه على لفظ عليك وقف قبيح يخل بالمعنى فإنه ينفي أن الله سبحانه وتعالى أنزل على عبده شيئاً وهذا كذب صراح .
ونحن نعلم أن كثيراً من القراء يقصدون الوقوف على لفظ الجلالة أينما ورد ويمدون به أصواتهم ليستثيروا مشاعر السامعين فتسمع جمهور الحاضرين يرددون وراء القارئ لفظ الجلالة ( الله – الله – الله ) أو يطلقون عبارات المدح والثناء على القارئ كقولهم ( الله يفتح عليك ) ونحو ذلك ولا يلقون بالاً للتفكر بالآيات القرآنية ولا يتدبرون معانيها .

ومن العجب أن يقرأ القارئ آيات تصف تعذيب الكافرين في جهنم والمستمعون يرددون ( الله – الله – الله ) عوضاً عن اتعاظهم واستعاذتهم بالله العظيم من نار جهنم . وينبغي أن يعلم أن لقراءة القرآن الكريم آداباً كثيرة لا يلتزم بها أكثر القراء :

‏ أولاً : القراءة مع التدبر وتفهم المعاني يقول الله تعالى :
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ ) ويقول جل جلاله :( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ) .

‏ ثانياً : اجتناب الكلام واللغط والضحك خلال القراءة إلا كلاماً يضطر إليه ، يقول سبحانه وتعالى :( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) .
وقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما :( أنه كان إذا قرئ القرآن لا يتكلم حتى يفرغ منه ) .
ومن الأمور المنكرة التي يفعلها بعض القراء أنهم أثناء قرائتهم لآية والانتهاء منها يتحدثون مع من حولهم ثم يتلون الآية التي بعدها وهكذا شأنهم .

‏ ثالثاً : قال الإمام النووي :( وينبغي أن يرتل قراءته وقد اتفق العلماء رضي الله عنهم على استحباب الترتيل . قال تعالى :( وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا ) .
وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها :( نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفاً حرفاً ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال الترمذي حديث صحيح ، التبيان في آداب حملة القرآن ص 46 – 47 .
فقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ترتيلاً يقف على رؤوس الآيات لا كما يفعله كثير من القراء الذين يقرأون الآيات الكثيرة بنفس واحد حتى يمدحوا ويسمعوا عبارات الثناء والتعظيم .

رابعاً : على القارئ الالتزام بأحكام التلاوة والتجويد وهو علم قائم بذاته ولكن لا بد من الإشارة إلى مسألة مهمة منه وهي مسألة الوقف والابتداء .

لا بد للقارئ أن يكون على علم بهذه المسألة لأهميتها ، قال بعض علماء التلاوة والتجويد :( تعلم الوقف ومواضعه شطر علم التجويد ) وقـال الهذلي :[ الوقف حلية التلاوة وزينة القاريء وبلاغ التالي وفهم المستمع … ] .
فعلى القارئ أن يتدبر معاني القرآن الكريم حتى يعرف الأماكن التي يجوز فيها الوقف وينبغي أن يعلم أن المعنى والتدبر هو الأصل واللفظ تابع له .
فالوقف إذا كان على ما يؤدي معنى صحيحاً فهو وقف تام وحسن وإذا وقف على ما لا يؤدي معنى صحيحاً فهو وقف قبيح .
ومثله الوقف على لـفظ بينهما ، قولـه تعالى :( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ) ومثله الوقف على لفظ يستحيي ، في قوله تعالى :( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ) ومثله الوقف على لفظ ( فَأَكَلَهُ ) في قوله تعالى :(وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ) ومثله الوقف على لفظ (أَرْسَلْنَاكَ ) في قوله تعالى :( فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) فهذه الوقوف وأمثالها واضحة الفساد وتؤدي إلى اختلال المعنى فكل من تعمد الوقوف على هذه المواضع وأمثالها مع علمه بالمنع فقد أثم واعتدى وجهل وافترى وإذا كان معانداً فقد يكفر والعياذ بالله .