هل الدعاء المعرب أولى بالقبول من الدعاء الملحون:

يظنُّ البعض أنَّ الدعاء المعرب أولى بالقبول من الدعاء الملحون، بل جعل الأبشيهي (ت:852 هـ) أنَّ من شروط الدعاء أن يكون سليماً من اللحن، كما قال بعضهم:

ينادي ربه باللحن ليث         كذلك إذ دعاه لا يجاب

والتمكن من ناصية اللغة من الأمور الممدوحة في المؤمن، ولو كان من يدعو يستطيع الإعراب دون تكلف، وكان إعرابه سليقة لكان أحسن، ولكن إن كان تكلف الإعراب في الدعاء سيذهب الخشوع في الدعاء، وسيصرف الداعي من حضور القلب، فإن ترك الإعراب أولى، ولا سيما في حق الجاهل فهو معذور، وأيضا لأن الدعاء يكفي فيه إظهار التضرع والخشوع والرغبة والرهبة حال الدعاء، ولذلك منع الدعاء تكلف السجع لأنه يذهب بهذه الأشياء.

هل يقبل الدعاء الملحون:

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل دعا دعاء ملحونًا فقال : له رجل ما يقبل الله دعاء ملحونا؟

فأجاب : من قال هذا القول فهو آثم مخالف للكتاب والسنة، ولما كان عليه السلف، وأما من دعا الله مخلصا له الدين بدعاء جائز سمعه الله ،وأجاب دعاءه، سواء كان معربا أو ملحونا، والكلام المذكور لا أصل له ؛ بل ينبغي للداعي إذا لم يكن عادته الإعراب أن لا يتكلف الإعراب.

 قال بعض السلف : إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع، وهذا كما يكره تكلف السجع في الدعاء، فإذا وقع بغير تكلف، فلا بأس به، فإنَّ أصل الدعاء من القلب واللسان تابع للقلب .

ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه، ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعاء يفتح عليه لا يحضره قبل ذلك.

 

حكم الدعاء بغير العربية:

وهذا أمر يجده كل مؤمن في قلبه. والدعاء يجوز بالعربية وبغير العربية، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده وإن لم يقوم لسانه فإنه يعلم ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تنوع الحاجات.