كتابة القرآن على القبور لا تجوز على الراجح وخاصة إذا خيف أن تلحقها نجاسة. وأما كتابة ما يدل على طلب قراءتها من الزائر للقبر ، أو كتابة اسم الميت ليعرف مكانه ونحو ذلك فلا بأس به إن شاء الله تعالى على الراجح أيضا.

يقول الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى – رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:

روى الترمذي وصححه عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: نَهَى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تُجَصَّصَ القبور وأن يُكتَب عليها وأن يُبنَى عليها وأن تُوطأ،أي :تُداس .وفي لفظ النسائي : أن يُبنَى علي القبر، أو يُزاد عليه أو يُجصَّص أو يُكتَب عليه.
الظاهر من هذا الحديث النهي عن الكتابة على القبور. دون تفرقة بين كتابة اسم الميت وكتابة غيره.
قال الحاكم: مع صحة الحديث فالعمل ليس عليه، فإن أئمة المسلمين من الشرق والغرب يكتبون على قبورهم، وهو شيء أخذه الخلف من السلف . لكن الذهبي قال: إن هذا شيء مُحدَثٌ ولم يَبلُغْهم النَّهْيُ.
ورأي المذاهب الفقهية في ذلك على ما يأتي:
1 ـ قال الحنفية: يُكرَه تحريمًا كتابة أي شيء على القبر، إلا إذا خِيف ذهاب أثره فلا يُكره.
2 ـ وقال المالكية : إن كانت الكتابة قرآنا حرمت، وإن كانت لبيان اسم المتوفَّى أو تاريخ موته فهي مكروهة.
3 ـ وقال الشافعية : إن النهي عن الكتابة للكراهة، سواء أكانت قرآنًا أم كانت اسم الميت، لكن إذا كان القبر لعالم أو صالح نُدِبَ كتابة اسمه عليه وما يُمَيِّزه لِيُعرَف.
4 ـ والحنابلة قالت: إن النهي عن الكتابة للكراهة، سواء كانت قرآنًا أم غير ذلك، دون تفرقة بين قبر عالم أو صالح وقبر غيره.
وابن حزم، يَرَى أن نقش اسم الميت على القبر لا كراهة فيه، وكل ذلك يَعتمد فيه إلى حد كبير على النية الباعثة للكتابة، فإن كانت لمجرد التعرف على صاحب القبر فلا بأس بذلك مطلقًا.
فقد روى ابن ماجه عن أنس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وضع صخرة على قبر عثمان بن مظعون وجاء في رواية أبي داود أنه قال: “أتَعَلَّم بها قبر أخي وأَدفِن إليه مَن مات مِن أهلي” وإن كانت الكتابة للفخر والمباهاة فهي مذمومة قطعًا.

وقد وصف الله القرآن بأنه كريمٌ، ومن كرامته ألا يمَسَّه إلا المُطهَّرون، وقد قال العلماء : إن كل ما يُعرِّض كتاب الله أو أي جزء منه إلى الإهانة حرامٌ . وتفريعًا على ذلك قالوا : إن كتابة آيات القرآن على جدران البيوت لا تجوز، وجاء في كتاب المصاحف لابن أبي داود أن عمر بن عبد العزيز ـ رضى الله عنه ـ رأى ابنًا له يكتُب في حائط فضربه، وكان تعليل ذلك أن الحائط يصيبُه الغُبار والتَّلف فتسقط الأجزاء المكتوب عليها، أو قد يتعرض للتلويث ونحوه، وليست هناك علَّة وراء ذلك .

هذا ما قالوه، لكن لو كُتِبَت الآيات على جدران متينة أو مواد تحفَظ ما يُكتب عليها بالحَفر ونحوه، وكانت الكتابة داخل المبنى كالمسجد ونحوه، بحيث لا تتعرض للتلوث أو التساقط السريع، أو كانت على لوحات تُعلَّق مع الحفظ والصيانة فلا أرى بأسًا بذلك . (انتهى)