رَوَى مُسلم عن عليٍّ ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: رأيْنا النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قام فقُمنا فقَعَدَ فقعدْنا، يَعني في الجِنازة قال الترمذي: حديثُ عليٍّ حَسَنٌ صحيح، وفيه أربعة من التابعين بعضهم عن بعض، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وقال الشافعي: هذا أصحُّ شيء في هذا الباب.

يُؤْخذ من هذا أن القيام للجنازة عندما تمرُّ بالإنسان مشروع، بل هو مندوب لفعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل لأمْرِه بذلك أيضًا، كما في رِواية أحمد عن علي: كان النبي ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ أُمِرْنا بالقيام في الجِنازة ثُمَّ جَلَس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس، وقال الإمام أحمد: إن شاء قام وإن شاء لم يَقُمْ، ووافقه ابْن الماجَشُون من المالكية قال النووي: والمُختار أنه مستحب.

قال ابْنُ حزْم: ويُستحب القيام للجنازة إذا رآها المرء ـ وإن كانت جِنازةَ كافر ـ حتى تُوضَع أو تُخلِّفه، فإن لم يَقُمْ فلا حَرج، وذلك لحديث رواه الجماعة، وروي البُخاري ومسلم عن سهل بن حنيف وقيس بن سعد أنهما كانا قاعدَيْن بالقادسية، فمرُّوا عليهما بجنازة فقاما فقيل لهما: إنهما من أهل الأرض ـ أي من أهل الذمة ـ فقالا: إنَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرَّت به جنازة فقام، فقيل له: إنَّها جنازة يهودي، فقال ” أَوَلَيْسَتْ نفساً”؟ والحِكْمة في القيام لها ما جاء في رواية أحمد وابن حِبَّان والحاكم مرفوعًا “إنَّما تَقُومُون إِعْظَامًا للذي يَقْبِضُ النفوس”، ولفظ ابن حبان ” إعْظامًا لله تعالى الذي يقبض الأرواح.