لا فرق بين القرض الإنتاجي والقرض الاستهلاكي ، فكلاهما ربا حرام ، فالربا ربا.

وقد قرر مجمع البحوث الإسلامية سنة 1965 :

“الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرّم ، لا فرق في ذلك بين ما يسمّي بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي . لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين”

ويقول الشيخ يوسف القرضاوي :

….لقد قال من قال في مرحلة التبرير: إن الربا الذي حرمه الله ورسوله هو ما يعرف بـ (ربا الاستهلاك) وهو خاص بالإنسان الذي يستدين لحاجته الشخصية؛ ليأكل ويشرب ويلبس، هو ومن يعول، وذلك لما في هذا الربا من استغلال حاجة المحتاج، وفقر الفقير، الذي دفعه العوز إلى الاقتراض، فرفض المرابي الجشع أن يقرضه إلا بالربا بأن يرد له المائة مائة وعشرة مثلاً.

وهذا الكلام لم يقله فقيه مسلم قط طوال القرون الثلاثة عشر الماضية، قبل أن نبتلى بالاستعمار، وهو تقييد للنصوص المطلقة بمحض الظن والهوى، وقد ذم الله من فعل ذلك بقوله (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى)[1][1].

والتاريخ الصحيح يكذب هذا التأويل: فإن الربا الذي كان سائداً في الجاهلية لم يكن ربا استهلاك، فلم يكن الشخص يستدين ليأكل، وما عرف عن العربي الغني أن يأخذ الربا ممن جاءه يطلب قرضاً لطعامه وشرابه، وإن حدث ذلك كان شيئاً نادراً لا تقام الأحكام على مثله.

إنما الشائع في ذلك الزمن هو ربا التجارة، الذي كان يتمثل في القوافل التجارية الشهيرة في رحلتي الصيف والشتاء. يعطيهم الناس أموالهم ليستثمروها لهم: إما قراضاً ومضاربة يتقاسمان فيها الربح على ما اشترطا، وإن حدثت خسارة فعلى رب المال. وإما قرضاً محدد الفائدة مقدماً، وهو الربا. ومن هذا النوع الأخير كان ربا العباس بن عبدالمطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أعلن في حجة الوداع أنه موضوع ملغي، حيث قال “إن ربا الجاهلية موضوع وأول رب أضعه ربا عمي العباس

وما يتصور دارس منصف أن ابن عبدالمطلب، الذي كان يسقي الحجيج في الجاهلية متبرعاً من حر ماله، يعمل عمل اليهود الجشعين، فيقول لمن جاءه يسأل قرضاً لطعام عياله: لا أعطيك إلا بالربا!!

ولو كان الربا الذي حرمه الله ورسوله هو ربا الاستهلاك أي ربا المقترض لحاجاته الشخصية والعائلية، كما يدعي مدعون اليوم، ما كان هناك وجه لأن يلعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكل الربا – أي الذي يعطي الفائدة – كما يلعن آكل الربا – أي الذي يأخذ الفائدة – إذ كيف يلعن من يقترض ليأكل؟ وقد أباح الله ورسوله أكل الميتة والدم ولحم الخنزير لضرورات المخمصة والجوع كما قال تعالى (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم)[2][2].

ولكن الإمام مسلماً روى في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال “هم سواء” وعن ابن مسعود: لعن آكل الربا ومؤكله. وهو مروي عن غيرهما من الصحابة.