هناك فرق كبير بين بيع التقسيط و بين التعامل بالربا

ولا بد من التفريق بين البيع بالتقسيط والتعامل بالربا، فمن الناس ممن يتعامل بالتقسيط يحتال فيدخل في الربا ولمعرفة ذلك نضرب مثالا لتوضيح الأمر.

لو أراد أب أن يُجهّز إبنته، ولم يكن معه مال، فيعرض عليه أحد الأقارب أو أحد المعارف أن يذهب إلى المحل الذي يريد أن يشتري الأثاث منه، وأن يعاينه، ويتعاقد عليه؛ ويدفع القريب عنه الثَّمَن في الحال، ثم يسترده منه على أقساط، على أن يضاف إلى الثمن المدفوع 15%.

الواقعة هذه تبين أنه بيع بالتقسيط، لكن هذا التصرف لا يجوز شرعا؛ لأنه احتيال على أكل الربا، والربا حرام فالاحتيال عليه حرام؛ ولأنه من أكل أموال الناس بالباطل. قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ” (النساء: آية 29). وهذا التصرف ليس تجارة، إن هذا القريب ليس تاجرا، ولا يملك الأثاث الذي يريد أخذ الفوائد من وراء بيعه، ورضا المشترى أو المقترض بالمعنى الأصح رضا من غير اقتناع، بل تدفعه إليه الحاجة.

حرمة الربا وحرمة التحايل على الربا

أجمع العلماء على حرمة الربا، وحرمة الاحتيال عليه؛ لأن الشرع الشريف إذا حرم شيئا حرم كل الوسائل والطرق المؤدية إليه، وإذا أباح أمرا أباح كل الطرق والوسائل المؤدية إليه.

وقد نص القرآن الكريم نصا قاطعا على حرمة الربا في قوله تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ*وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُون” (البقرة: آية 278 ، 280).

كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ “لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه. والاحتيال على استحلال ما حرم الله ـ عز وجل ـ كبيرة من الكبائر؛ لأنه يدل على تأصيل خصلة النفاق في نفس صاحبه، ويريد خداع الله والذين آمنوا. قال الله تعالى في مثل هؤلاء المخادعين: “يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ”(البقرة: آية 9 ، 10)، وفي رأيي أن آكل الربا صراحة مع عظيم جرمه، وشديد عقابه، أخف إثما من الذين يحتالون على ذلك بالطرق المختلفة الظاهر منها والخفي.

إنما سبيل المؤمن حقا هو التعاون والتضامن ابتغاء وجه الله عن طريق القرض الحسن عملا بقوله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (المائدة: آية 2) وبقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “من فرَّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”.