المذي لا يوجب الغسل، حتى لو نزل مع الانتصاب.

ولا يوجب الغسل إلا خروج المني.

والمني يكون أبيض غليظ يخرج بشهوة ودفق، ويعقبه فتور في الجسم.

وأما المذي فهو شفاف لزج لا يخرج بدفق.

وهذا التفصيل:

المني : بالنسبة للرجل ماء غليظ أبيض؛ والأصل في هذه الصفات ما جاء عن أم سليم رضي الله عنها: أنها سألت نبي الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل” فقالت أم سليم : – واستحيَيْتُ من ذلك – قالت : وهل يكون هذا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” فمن أين يكون الشبه ؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون الشبه ” متفق عليه
قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 3/222 )، عند قول النبي صلى الله عليه وسلم ” إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر”: هذا أصل عظيم في بيان صفة المني، وهذه صفته في حال السلامة وفي الغالب، قال العلماء : مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفقة بعد دفقة، ويخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه، وإذا خرج استعقب خروجه فتور ورائحة كرائحة طَلْع النخل، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين ، .. ( وقد يتغيّر لون المنيّ بأسباب منها ) .. أن يمرض فيصير منيّه رقيقا أصفر أو يسترخي وعاء المني فيسيل من غير التذاذ وشهوة أو يستكثر من الجماع فيحمرّ ويصير كماء اللحم وربما يخرج دما عبيطًا.

ومما سبق نستطيع أن نستخلص خواص المني وهي ثـلاث :
أحدها: الخروج بشهوة مع الفتور عَقِبَه .
الثانية : الرائحة التي شبه رائحة الطَّلْع كما سبق .
الثالثة : الخروج بدَفْق و دَفْعات.
وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيًا، ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيًا وغلب على الظن كونه ليس منيًا.

المذي:
أما المذي : فهو ماء أبيض لزج، يخرج عند التفكير في الجماع أو إرادته، ولا يجد لخروجه منه شهوة ولا دفعًا، ولا يعقبه فتور، يكون ذلك من الرجل والمرأة، وهو في النساء أكثر من الرجال، قاله الإمام النووي في شرح مسلم ( 3/213 ).

الحكم المترتب على خروج المني والمذي:

المنيّ يوجب الغسل من الجنابة سواء كان خروجه يقظة بجماع أو غيره، أو كان في المنام بالاحتلام.
أما المذي فإنه يوجب الوضوء فقط، ودليل ذلك ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: كنت رجلا مذّاء، فأمرت المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال : ” فيه الوضوء ” متفق عليه واللفظ للبخاري .

الحكم من جهة طهارتهما ونجاستهما:

المني طاهر على القول الراجح من أقوال العلماء ودليل ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه . متفق عليه وفي رواية لمسلم ” ولقد كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه، وفي لفظ ” لقد كنت أحكّه يابسًا بظفري من ثوبه “، بل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يترك غسله وهو رطب ويكتفي بمسحه بعود ونحوه كما روى الإمام أحمد في مسنده (6/243 ) عن عائشة رضي الله عنها، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت ” يزيل ويميط ” المني من ثوبه بعرق الأذخر ثم يصلي فيه ويَحتّه من ثوبه يابسًا ثم يصلي فيه “. ورواه ابن خزيمة في صحيحه، وحسنه الشيخ الألباني في الإرواء ( 1/197 ) .
أما المذي فإنه نجس لحديث علي المتقدم ذكره، والذي جاء في بعض طرقه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذكر والأنثيين ( أي الخصيتين ) ويتوضأ كما أخرجه أبو عوانة في مستخرجه، وقال ابن حجر في التلخيص : وهذا إسناد لا مطعن فيه . فهو نجس يجب غسل الذكر والأنثيين من خروجه ويُبطل الطّهارة .

حكم الثوب إذا أصابه المني والمذي:

على القول بطهارة المني فإنه لو أصاب الثوب لا ينجّسه ولو صلى الإنسان بذلك الثوب فلا بأس بذلك، قال ابن قدامة في المغني (1/763) : ” وإن قلنا بطهارته أستحب فركه وإن صلى من غير فرك أجزأه “.
أما المذي : فإنه يكتفى بنضح الثوب للمشقة في ذلك، ودليل ذلك ما رواه أبو داود في سننه عن سهل بن حنيف، قال : كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر من الاغتسال ،فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: ” إنما يجزئك من ذلك الوضوء” قلت : يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه ؟ قال : يكفيك بأن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها ثوبك حيث تُرى ( أي تظنّ ) أنه أصابه ” ورواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح، و لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي، قال صاحب تحفة الأحوذي (1/373) : واستدل به على أن المذي إذا أصاب الثوب يكفي نضحه ورشّ الماء عليه ولا يجب غسله.