القرآن الكريم أنزله الله تعالى على أتم موازين الكلام، فكل كلمة فيه جيء بها لتؤدي معنى معينًا، ولا يوجد في القرآن الكريم تكرار لمجرد التكرار، ولا مترادفات الألفاظ، وإنما كل لفظ يؤدي جزءاً من المعنى المقصود، وقد نفهم ذلك أو لا نفهمه، والعلماء لهم بحوث كثيرة في هذا وكتب التفسير مليئة بهذه المعاني.
وننصح أن يقرأ كتاب: “مفردات القرآن” للراغب الأصفهاني؛ فهو يبيّن الفوارق بين الألفاظ في القرآن الكريم
والآية” وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا” التغابن15 نزلت في أناس أرادوا الهجرة إلى المدينة فتعلقت بهم أزواجهم، وكذلك أبناؤهم، وبكوا لهم حتى أقاموا في مكة ولم يهاجروا، فلما هاجروا وجدوا الذين سبقوهم إلى الهجرة قد تفقهوا في الدين وتعلموا أشياء كثيرة من النبي صلى الله عليه وسلم؛ فتضايقوا من زوجاتهم وأبنائهم الذين حملوهم على البقاء في مكة وأخَّروهم، فنزلت الآية الكريمة، تدعو إلى مكارم الأخلاق في التعامل بين الآباء والأبناء والزوجات، وأمرتهم بثلاثة أشياء: بالعفو والصفح والمغفرة؛ لأن كل لفظ من هذه الألفاظ له معنى؛ فالعفو معناه أنه قد سبق ذنب ينبغي التجاوز عنه؛ حيث إن بعض الزوجات والأبناء كانوا يعلمون خطورة منع الزوج من الهجرة، وبعضهم لا يعلم ذلك، والآية أمرت بالعفو عن الذين يعلمون؛ لأنهم ارتكبوا ذنبًا محققًا.. فالمطلوب من الآباء أن يتجاوزوا عن زوجاتهم وأبنائهم مع اقترافهم الذنب، أما الصفح، فهو نسيان القصة حتى لا يظل الزوج يذكرها ويعيِّر بها زوجته وأبناءه، أما المغفرة، فهي التجاوز عن الخطأ الذي وقع ومحوه من واقع التعامل، ومن داخل النفس.