خبر الآحاد هو الخبر الذي لم يبلغ عدد رواته الحد المطلوب في التواترـ والحديث المتواتر هو الذي رواه جمع عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، والقول بأن أحاديث الآحاد لا يعمل بها من الأقوال غير المعتمدة عند أهل العلم ، والعلماء على العمل بحديث الآحاد في المسائل الفقهية :
قال الإمام أبو العباس أحمد بن أبي أحمد بن القاص صاحب كتاب (التلخيص) : لا خلاف بين أهل الفقه في قبول خبر الآحاد. وهو المعتمد عند العلماء وعليه العمل ، وتلقت الأمة خبر الواحد بالقبول وعملت به .

يقول الشيخ عطية صقر-رحمه الله تعالى- رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :
يقول علماء الأصول: إن أحاديث الآحاد يجب العمل بها في الأحكام الشرعية العملية، باعتبارها فروعًا، ولا يعمل بها في العقائد باعتبارها أصولاً للدين، وهذا ما يفيده ما نقل عن جمهور الصحابة والتابعين، وأقوال علماء الفقه والأصول.

يقول د. عبد الله الفقيه ـ عن خبر الواحد :

هو حجة يوجب العمل عند جماهير أهل العلم من السلف والخلف.
قال ابن القاص: لا خلاف بين أهل الفقه في قبول خبر الآحاد.
وقال القاضي أبو يعلى: يجب عندنا سمعاً، وقاله عامة الفقهاء والمتكلمين، وهو الصحيح المعتمد عند جماهير العلماء من السلف والخلف.
قال في شرح الكوكب المنير: ومنع قوم من قبول أخبار الآحاد مطلقا، منهم: ابن أبي داود، وبعض المعتزلة، وبعض القدرية والظاهرية، وكذلك الرافضة.

وقال ابن القاص أيضا: وإنما دفع بعض أهل الكلام خبر الآحاد لعجزه عن السنن، زعم أنه لا يقبل منها إلا ما تواتر بخبر من يجوز عليه الغلط والنسيان، وهذا ذريعة إلى إبطال السنن، فإن ما شرطه لا يكاد يوجد إليه سبيل. انتهى.
واستدل الجمهور على وجوب التعبد بخبر الواحد بأدلة ذكرها ابن قدامة وغيره ومنها:
إجماع الصحابة رضي الله عنهم على قبوله، فإنه قد اشتهر ذلك عنهم في وقائع لا تنحصر، إن لم يتواتر آحادها حصل العلم بمجموعها.
منها أن الصديق رضي الله عنه لما جاءته الجدة تطلب ميراثها نشد الناس من يعلم قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها؟ فشهد له محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة: “أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فرجع إلى قولهما” رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي.

وروي عن عمر رضي الله عنه في وقائع كثيرة منها: أنه سأل عن قضية رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين فقام حمل بن مالك بن النابغة، فقال: كنت بين امرأتين، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة وأن تقتل، فقال عمر: لو لم نسمع هذا لقضينا بغيره” رواه البخاري ومسلم وأبو داود، واللفظ له.
ومنها أن عمر رضي الله عنه كان لا يورث المرأة من دية زوجها، حتى أخبره الضحاك: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها” رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
ورجع إلى حديث عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم في المجوس: “سنوا بهم سنة أهل الكتاب” أخرجه البخاري.
ومنها: رجوع عثمان رضي الله عنه إلى قول فريعة بنت مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم: “أمرها بالسكنى في دار زوجها لما قتل حتى تنقضي عدتها” رواه مالك وأحمد وأصحاب السنن.
وتحول أهل قباء إلى القبلة وهم في الصلاة بخبر الواحد. رواه مسلم وغيره.
وقال ابن عمر: ما كنا نرى بالمزارعة بأسا، حتى سمعت رافع بن خديج يقول: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فتركتها من أجله” رواه البخاري ومسلم.
ولما اختلف المهاجرون والأنصار في الغسل من المجامعة من غير إنزال أرسلوا أبا موسى إلى عائشة، فأجابه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا مس الختان الختان وجب الغسل” رواه مسلم.

والمقصود المثال لا الحصر، وعلى هذا سار التابعون من بعد الصحابة، ولم ينقل عن واحد منهم أنه توقف في الأخذ بدليل من الكتاب، أو السنة الصحيحة حتى يبحث عنه هل هو قطعي الثبوت أم لا؟ أو هل هو قطعي الدلالة أم لا؟
وقد علم بالاضطرار أنهم كانوا يتعبدون لله تعالى بما أمرهم به من الصلاة والزكاة والصيام والحج، وغير ذلك من شعائر الإسلام، وأكثر هذه الأحكام ثابت بأدلة ظنية الدلالة، أو ظنية الثبوت.