التوبة إلى الله:

الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عبده، ولكن لا بد لقبول التوبة أن تتوافر شروطها من الندم والإقلاع عن الذنب والعزم والتصميم على عدم الرجوع إليه، ورد الحقوق لأصحابها أو طلب العفو منهم، إن كانت تتعلق بحقوق العباد، ومن عجز عن ذلك فعليه أن يتصدق بقيمة هذه الأشياء عن أصحابها إذا لم يمكنه الوصول إليهم والله سبحانه وتعالى يقبل توبته ويرضي أصحاب هذه الحقوق يوم القيامة، وعلى التائب أن يكثر من الدعاء لهم.

يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان-أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
إن رحمة الله واسعة لمن تاب وأناب، قال تعالى: (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون). وهو سبحانه وتعالى: “يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار حتى تطلع الشمس من مغربها”.

شروط قبول التـوبة:

ذكر العلماء للتوبة شروطًا لابد منها، ولا تتم التوبة إلا بها، وهي ثلاثة:الأول: الندم على ما قد اقترفه من الذنوب.

والثاني: الإقلاع عنها.
والثالث: العزم على أن لا يعود إليها ما عاش أبدًا.

وهذه الأمور الثلاثة لابد منها في التوبة من الذنوب التي تكون بين العبد وربه، فإذا تاب توبة نصوحًا، وندم على ما فرط منه في جنب الله، وعزم على ترك المعاصي والذنوب فإن الله يتوب عليه، قال تعالى: (ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابًا). وقال تعالى: (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئًا).

حقوق العبد على العباد عند الله تعالى:

في الذنوب التي تكون بين العبد وبين غيره من العباد، فعليه أن يرد حقوق العباد التي عليه إلى أصحابها إن كانوا موجودين ومعروفين له، أو إلى ورثتهم إن كان ذلك ممكنًا، وإذا مات أصحابها بأن يذهب ويقول لصاحب الحق: يا فلان في أيام طيشي وغروري وبُعدي عن الله أخذت منك شيئًا، وأنا أرجو أن تسامحني، فإذا سامحه فقد تنازل عن حقه، وبرئت ذمته من هذا الحق، فلابد من الوفاء أو الإبراء، فإن صدقت توبته، وعجز عن الوفاء بهذه الحقوق، فإن الله يقبل توبته، ويُرضي عنه أهل هذه الحقوق يوم القيامة.

فمن هداه الله ووفقه إلى التوبة والندم على ما فات ـ أن يتخلص من المال الحرام الذي أخذه عن طريق السرقة أوالخيانة أو غيرها، حتى يرضى الله عنه، فيؤدي الحق الذي عنده لصاحبه إن كان معروفًا لديه، أو إلى ورثته إن كان ذلك ممكنًا، وإلا فيتصدق به على نية صاحبه، وأن يكثر لهم من الدعاء والاستغفار، ويطلب من الله العفو والمسامحة، وإن رحمة الله واسعة لمن تاب وأناب وعمل صالحًا ثم اهتدى، فقد قال تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى). وقال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم).