لكل صلاة من الصلوات الخمس وقت بداية لا يجوز أن يتقدم، ووقت نهاية لا يجوز أن يتأخر، ومن صلى صلاة قبل دخول وقتها وهو يعلم فصلاته باطلة مردودة عليه، ومن صلى صلاة بعد خروج وقتها في غير نوم أو نسيان فقد ارتكب إثما عظيما.

ويمكن لمن عرف من نفسه أنه لن يتمكن من أداء كل صلاة في وقتها أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم، أو جمع تأخير بشرط أن تكون هناك ضرورة تمنعه من أداء كل صلاة في وقتها، فالفرق بين صورة الجمع وبين تأدية صلاة في وقت الأخرى دون جمع كبير حيث تجوز الصورة الأولى، وتحرم الثانية، والفرق العملي يتمثل في وجود نية الجمع عند وجود ما يقتضيه.

يقول الشيخ العلامة ابن العثيمين-رحمه الله تعالى- :

إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء/103 . أي : مفروضاً لوقت معين ، وقد بين الله تعالى هذا الوقت إجمالاً في قوله تعالى : (أ َقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً ) الإسراء /78 .
فـ (دلوك الشمس) زوالها ، و(غسق الليل) اشتداد ظلمته ، وهذا منتصف الليل . ويشمل هذا الوقت أربع صلوات : الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، جمعت في وقت واحد ؛ لأنه لا فصل بين أوقاتها ، فكلما خرج وقت صلاة كان دخول وقت الصلاة التي تليها ، وفصل صلاة الفجر لأنها لا تتصل بها صلاة العشاء ولا تتصل بصلاة الظهر.
وقد بينت السنة هذه الأوقات بالتفصيل في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، وجابر وغيرهما ، وهو أن الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ، ووقت العصر من حين أن يصير ظل كل شيء مثله إلى غروب الشمس ، لكن ما بعد اصفرارها وقت ضرورة، ووقت المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، ووقت صلاة العشاء من غروب الشفق الأحمر إلى نصف الليل ، ووقت الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، هذه حدود الله تعالى لأوقات الصلوات في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم .
فمن صلى صلاة قبل وقتها المحدد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله فهو آثم وصلاته مردودة ، لقوله تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة / 229) . ولقوله صلي الله عليه وسلم ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) . وكذلك من صلاها بعد الوقت لغير عذر شرعي .

فمن صلى الفجر قبل طلوع الفجر فصلاته مردودة ، وعليه قضاؤها . هذا ما يقتضيه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم

ومن صلى الظهر قبل زوال الشمس فصلاته باطلة مردودة وعليه قضاؤها .

ومن صلى العصر قبل أن يصير ظل كل شيء مثله فصلاته باطلة مردودة ، وعليه قضاؤها إلا أن يكون له عذر شرعي يبيح له جمعها تقديماً إلى الظهر.

ومن صلى المغرب قبل غروب الشمس فصلاته باطلة مردودة ، وعليه قضاؤها .

ومن صلى العشاء قبل مغيب الشفق الأحمر فصلاته باطلة مردودة ، وعليه قضاؤها إلا أن يكون له عذر شرع يبيح له جمعها تقديماً إلى المغرب. انتهى.

ويقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي-رحمه الله تعالى-:
أجاز فقهاء الحنابلة للمسلم وللمسلمة الجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء في بعض الأحيان لعذر من الأعذار . وهذا تيسير كبير، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غير سفر ولا مطر، فسئل في ذلك ابن عباس فقيل له: ما أراد بذلك؟ فقال: أراد ألا يحرج أمته .. والحديث في صحيح مسلم.

فإذا كان هناك حرج في بعض الأحيان من صلاة كل فرض في وقته، فيمكن الجمع، على ألا يتخذ الإنسان ذلك ديدنًا وعادة، كل يومين أو ثلاثة .. وكلما أراد الخروج إلى مناسبة من المناسبات الكثيرة المتقاربة في الزمن.
إنما جواز ذلك في حالات الندرة، وعلى قلة، لرفع الحرج والمشقة التي يواجهها الإنسان.
فمثلا، شرطي المرور إذا كانت نوبته قبل المغرب إلى ما بعد العشاء، فله أن يجمع المغرب مع العشاء جمع تقديم أو تأخير، على حسب استطاعته.
أو طبيب يجري عملية لمريض، ولا يستطيع تركها، يمكنه في هذه الحالة أن يجمع جمع تقديم أو تأخير .. وذلك مما شرع تيسيرًا من الإسلام لأهله، ورفعًا للحرج عنهم.

وعلى كل حال، من وجد حرجًا أو مشقة في صلاة كل صلاة في وقتها فله أن يجمع كما ذكرنا . والله الموفق للسداد.

والله تعالى أعلم .