الطلاق لا يقع بالشك ، فمن القواعد الكلية التي قررها الفقهاء قاعدة “اليقين لا يزول بالشك” وإعمالا للقاعدة السابقة فالمتيقن هو عقد النكاح والمشكوك فيه هو الطلاق، ومن ثم فالطلاق المشكوك فيه لا أثر له على عقد النكاح.

فالذي شك هل طلق أم لا ؟ لم يقع شيء , ومن شك في عدد الطلقات هل طلق ثنتين أو واحدة فواحدة ، وعلى هذا فالزوج تحسب عليه طلقتان أما الثالثة المشكوك فيها فهي لاغية وله أن يراجع زوجته إذا أراد ذلك.

وهذا ما ذهب إليه الأئمة أبو حنفية والشافعي وأحمد بن حنبل، وخالف في ذلك المالكية والإمام الخرقي من الحنابلة فقالوا بوقوع الطلاق ممن شك في وقوعه .

هل يزول يقين النكاح بشك الطلاق:

جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي: إذا لم يدر أطلق أم لا فلا يزول يقين النكاح بشك الطلاق.
وجملة ذلك أن من شك في طلاقه لم يلزمه حكمه نص عليه أحمد وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي ; لأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بشك والأصل في هذا حديث عبد الله بن زيد عن “النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال : لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا” متفق عليه فأمره بالبناء على اليقين واطراح الشك، ولأنه شك طرأ على يقين فوجب اطراحه كما لو شك المتطهر في الحدث أو المحدث في الطهارة , والورع التزام الطلاق.

فإن كان المشكوك فيه طلاقا رجعيا راجع امرأته إن كانت مدخولا بها أو جدد نكاحها إن كانت غير مدخول بها أو قد انقضت عدتها.
وإن شك في طلاق ثلاث طلقها واحدة وتركها ; لأنه إذا لم يطلقها فيقين نكاحه باق فلا تحل لغيره.

وحكي عن شريك أنه إذا شك في طلاقه طلقها واحدة ثم راجعها ; لتكون الرجعة عن طلقة فتكون صحيحة في الحكم وليس بشيء ; لأن التلفظ بالرجعة ممكن مع الشك في الطلاق ولا يفتقر إلى ما تفتقر إليه العبادات من النية ولأنه لو شك في طلقتين فطلق واحدة لصار شاكا في تحريمها عليه فلا تفيده الرجعة.

حالات شك الزوج في الطلاق:

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية -: شك الزوج في الطلاق لا يخلو من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون الشك في وقوع أصل التطليق , أي شك هل طلقها أم لا ؟ فلا يقع الطلاق في هذه الحالة بإجماع الأمة , واستدلوا لذلك بأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بالشك لقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم).

الحالة الثانية: أن يقع الشك في عدد الطلاق – مع تحقق وقوعه – هل طلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ؟ لم تحل له – عند المالكية , والخرقي من الحنابلة وبعض الشافعية – إلا بعد زوج آخر لاحتمال كونه ثلاثا . عملا بقوله عليه الصلاة والسلام : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ويحكم بالأقل عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد , فإذا راجعها حلت له على رأي هؤلاء .

الحالة الثالثة: أن يقع الشك في صفة الطلاق كأن يتردد مثلا في كونها بائنة أو رجعية , وفي هذه الحالة يحكم بالرجعية لأنها أضعف الطلاقين فكان متيقنا بها .

وذكر الكاساني – في هذا المعنى – أن الرجل لو قال لزوجته: أنت طالق أقبح طلاق فهو رجعي عند أبي يوسف لأن قوله : أقبح طلاق يحتمل القبح الشرعي وهو الكراهية الشرعية , ويحتمل القبح الطبيعي وهو الكراهية الطبيعية , والمراد بها أن يطلقها في وقت يكره الطلاق فيه طبعا , فلا تثبت البينونة فيه بالشك , وهو بائن عند محمد بن الحسن الشيباني لأن المطلق قد وصف الطلاق بالقبح , والطلاق القبيح هو الطلاق المنهي عنه , وهو البائن , ولذلك يقع بائنا .