السؤال عن أمور الآخرة يستدعي في نفوسنا سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ردًا على من ناداه سائلاً: متى الساعة؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “ويحك إنها كائنة فما أعددت لها؟” فقال: حب اللّه ورسوله، فقال صلى اللّه عليه وسلم: “أنت مع من أحببت”، فالساعة قائمة لا محال ولكن الأهم هو ماذا أعددنا لها؟ فنسأل الله أن يرزقنا النية الصالحة وعملاً صالحًا يتوفانا عليه ويملأ قلوبنا حبًا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

يقول فضيلة الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله تعالى:

البعث هو إحياء الموتى، قال تعالى: “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ” [سورة الأنبياء: 104].
وقال: “وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ…” [سورة الروم: 27]. وأهون أي: هَيِّن.
وقال تعالى: “وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ…” [سورة يس: 78].
وعن كعب بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه” (‏النسمة: أي روح المؤمن الشهيد- ‏قاله القرطبي)[أخرجه مالك وأحمد والنسائي وابن ماجه والبيهقي بسند صحيح].
وعن أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول الله: كيف يعيد الله الخلق وما آية ذلك؟! قال: “أما مررت بوادي قومك جدبًا، ثم مررت به يهتز أخضرَ”؟! قال: نعم. قال” فتلك آية الله في خلقه، كذلك يحيي الله الموتى” [أخرجه أحمد وأبو الحسن رزين بن معاوية والطبراني].
والمعنى: أما مررت بوادي قومك حال خلوه من النبات، ثم مررت به بعد أن اخضرَّ بالنبات؟ كذلك يحيي الله الموتى يوم القيامة.

الحشر:
الحشر هو سوق الناس إلى مكان الحساب؛ فتجتمع الوفود في هذا اليوم المشهود ليُسأل كلٌّ عن عمله.
قال تعالى: “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه” [سورة الزلزلة: 7،8]. وقال – تعالى -: “كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ” [سورة الطور: 21].
وقال: “أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي القُبُور * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور” [سورة العاديات: 9،10].
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: خطب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: “يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله تعالى حفاة، عراة، غرلاً”، “… كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِين” ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ… إلى قوله: العزيز الحكيم)، قال: “فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول سُحْقًا سُحْقًا” [أخرجه الشيخان والنسائي والترمذي].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنف مشاة، وصنف ركبان، وصنف على وجوههم، قيل يا رسول الله: كيف يمشون على وجوههم”؟ قال” “إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم، أما إنهم يتقون بوجوهم كل حدب وشوك”. [أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي].