فرق الفقهاء في الدين بين الدين مرجو الأداء وبين الدين غير مرجو الأداء ،فالمرجو الأداء اختلفوا فيه بين أن يزكي عنه وإن لم يقبضه ،وبين أنه لا يزكي عنه إلا بعد القبض ،ولهم في ذلك تفصيلات أخرى .

وقد جاء في الموسوعة الفقهية الصادرة عن وزارة الأوقاف الكويتية :
الدين مملوك للدائن ، ولكنه لكونه ليس تحت يد صاحبه فقد اختلفت فيه أقوال الفقهاء : فذهب ابن عمر ، وعائشة ، وعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهم ، إلى أنه لا زكاة في الدين ، ووجهه أنه غير نام ، فلم تجب زكاته ، كعروض القنية ( وهي العروض التي تقتنى لأجل الانتفاع الشخصي ) .

وذهب جمهور العلماء إلى أن الدين الحال قسمان : دين حال مرجو الأداء ، ودين حال غير مرجو الأداء .

حكم زكاة الدين المرجو الأداء :

هو ما كان على مقر به باذل له ، وفيه أقوال : فمذهب الحنفية ، والحنابلة ، وهو قول الثوري : أن زكاته تجب على صاحبه كل عام لأنه مال مملوك له ، إلا أنه لا يجب عليه إخراج الزكاة منه ما لم يقبضه ، فإذا قبضه زكاه لكل ما مضى من السنين . ووجه هذا القول : أنه دين ثابت في الذمة فلم يلزمه الإخراج قبل قبضه ; ولأنه لا ينتفع به في الحال ، وليس من المواساة أن يخرج زكاة مال لا ينتفع به . على أن الوديعة التي يقدر صاحبها أن يأخذها في أي وقت ليست من هذا النوع ، بل يجب إخراج زكاتها عند الحول . ومذهب الشافعي في الأظهر ، وحماد بن أبي سليمان ، وإسحاق ، وأبي عبيد أنه يجب إخراج زكاة الدين المرجو الأداء في نهاية كل حول ، كالمال الذي هو بيده ، لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه .

وجعل المالكية الدين أنواعا :
– فبعض الديون يزكى كل عام وهي دين التاجر المدير عن ثمن بضاعة تجارية باعها ، وبعضها يزكى لحول من أصله لسنة واحدة عند قبضه ولو أقام عند المدين سنين ، وهو ما أقرضه لغيره من نقد ، وكذا ثمن بضاعة باعها محتكر ، وبعض الديون لا زكاة فيه ، وهو ما لم يقبض من نحو هبة أو مهر أو عوض جناية .

حكم زكاة الدين الغير مرجو الأداء :

فهو ما كان على معسر أو جاحد أو مماطل ، وفيه مذاهب : فمذهب الحنفية فيه كما تقدم ، وهو قول قتادة وإسحاق ، وأبي ثور ، ورواية عن أحمد ، وقول مقابل للأظهر للشافعي : أنه لا زكاة فيه لعدم تمام الملك ; لأنه غير مقدور على الانتفاع به . والقول الثاني وهو قول الثوري ، وأبي عبيد ورواية عن أحمد ، وقول للشافعي هو الأظهر : أنه يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين ، لما روي عن علي رضي الله عنه في الدين المظنون ” إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى . وذهب مالك إلى أنه إن كان مما فيه الزكاة يزكيه إذا قبضه لعام واحد وإن أقام عند المدين أعواما . وهو قول عمر بن عبد العزيز ، والحسن والليث ، والأوزاعي . واستثنى الشافعية والحنابلة ما كان من الدين ماشية فلا زكاة فيه ; لأن شرط الزكاة في الماشية عندهم السوم ، وما في الذمة لا يتصف بالسوم .

حكم زكاة الدين المؤجل :

ذهب الحنابلة وهو الأظهر من قولي الشافعية : إلى أن الدين المؤجل بمنزلة الدين على المعسر ; لأن صاحبه غير متمكن من قبضه في الحال فيجب إخراج زكاته إذا قبضه عن جميع السنوات السابقة . ومقابل الأظهر عند الشافعية : أنه يجب دفع زكاته عند الحول ولو لم يقبضه . ولم نجد عند الحنفية والمالكية تفريقا بين المؤجل والحال .