الرفث هو الجماع وما يتصل به من الفعل والقول ، والفسوق هو المعاصي ، والجدال هو التعصب للرأي والتفاخر على الغير، والنهي عن هذه الأمور ليس خاصا بأيام الحج ، ويشمل كل الأيام، ولكن النهي عنها في الحج أشد .

يقول الشيخ عطية صقر -رحمه الله تعالى -:

جاء في تفسير القرطبي:

الرفث هو:

الجماع، كما قاله ابن عباس وغيره، ونهى الله عنه لأنه يفسد الحج بإجماع العلماء؛ إذا حصل قبل الوقوف بعرفة، وجزاؤه الهدي وإعادة الحج.
وقال عبد الله بن عمر وطاووس وعطاء وغيرهم: الرفث هو: الإفحاش للمرأة بالكلام، يقول الشخص لزوجته مثلا: إذا أحللنا عاشرتك.
وقيل: هو التحدث عن النساء بما يتصل بالشهوة. وقيل: غير ذلك.
والمراد بالنهي عن الحديث عما يتصل بالشهوة الجنسية : إبعاد النفس عن هذه المتعة حتى لا يقع الشخص فيها؛ فيفسد الحج ، فهو من باب الوقاية.

والفسوق هو:

الخروج عن الطاعات من المعاصي أيا كان نوعها، كما قال ابن عباس وعطاء وغيرهما.
والمراد به في الحج: ارتكاب المحذورات التي نهى الله عنها الحاج: كقتل الصيد، وقص الظفر، وأخذ الشعر إلى آخره.
وقيل: الفسوق هو: التنابز بالألقاب. وقال ابن عمر: هو السباب. واختار القرطبي القول الأول الشامل لكل المعاصي.
والمراد بالنهي عنه: تحذير الحاج من كل المعاصي؛ لأن العقاب مضاعف في الأماكن المقدسة، ومجرد التفكير في ارتكاب المعصية إثم كبير كما قال تعالى عن البيت الحرام: { ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ }.

والجدال في المعنى المراد منه: أقوال ستة ذكرها القرطبي منها:

مجادلة الغير مجادلة تؤدي إلى السباب ، واختلاف الناس في أيهم صادف موقف إبراهيم ـ عليه السلام ـ كما كانوا يفعلون في الجاهلية، واختلافهم في موعد الوقوف بعرفة و هو جدال في إصابة المكان وإصابة الوقت.
وقيل: المراد بالجدال: المفاخرة بالآباء.
والمراد بالنهي عن الجدال بأي معنى هو: منع الاختلاف في أحكام الحج والتعصب للرأي، وبخاصة فيما لم يكن متفقا عليه، وكذلك عدم فرض الآراء على أي شيء آخر في هذا اللقاء الكبير الذي يجمع شتات الأجناس، والعادات، واللغات والأفكار، وذلك لتنافيه مع حكمة الحج من دعم التعاون، والتعارف بين المسلمين كافة.

الرفث والفسوق والجدال والنهي عنها في الحج

النهي عن هذه الأمور الثلاثة وهي: الرفث، بما يتعلق بالنساء ولو بالحديث، والفسوق بمعنى السباب أوالعصيان، والجدال بمعنى التخاصم بالرأي أمور يشمل الحج وغيره.
ولكن النهي عنها في الحج آكد نظراً لحرمان الحجاج من المتعة النسائية والتعرض في الزحام للمضايقات ، واهتمام كل شخص بنفسه، وتمسكه برأيه ليصح حجه الذي تعب فيه بماله وصحته، فالظروف هي التي جعلت هذه الأمور المحرمة في كل حال أشد حرمة، وبخاصة عدم مناسبتها لشرف المكان، وحرمة الزمان، ومثل ذلك: نهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصائمين عن الغيبة والكذب والزور، والذي يشمل كل باطل من قول أو فعل في مثل قوله، كما رواه البخاري: “من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.
مع أن ذلك محرم أيضا على غير الصائمين ؛ لأن من حكمة الصيام: كف النفس عن الشهوات التي رمز إليها بشهوتي البطن والفرج، وهما حلالان أصلا؛ ليمرن الصائم نفسه لترك المشتهيات المحرمة من باب أولى، وكف النفس عن الشهوات يظهر أثره واضحا في التعامل مع الناس أو في الأخلاق الاجتماعية، كما يقال، ومنها صيانة اللسان عن الكذب والزور، وكل ما يضر الغير.