الله سبحانه وتعالى هو مالك الملك يصرفه كيف يشاء وهو العدل لا يظلم عنده أحد وهو جل وعلا يحب عباده ولذلك نجد أن لكل دقائق الشرع حكمة بالغة وقد تخفى على العبد ولكن حين ينظر للأمر بعمق ويتعامل معه يفرح برحمة ربه ويظل لسانه يلهج بذكره ,يقول فضيلة الدكتور “محمد سعيد رمضان البوطى” أستاذ الشريعة بالجامعات السورية -رحمه الله تعالى – فى الحكمة فى قوله تعالى”للذكر مثل حظ الأنثيين”

ذلك الجدل التقليدي الذي تطاول أمده حول حق المرأة في الميراث، متمثلا في قرار “للذكر مثل حظ الأنثيين”، وهذه القاعدة جزء من آية في كتاب الله تعالى، وتمام الجملة التي تعبر عن هذا الحكم هكذا: “يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين” إذن، فالآية إنما رسمت هذا الحكم في ميراث الأولاد دون غيرهم. وللورثة الآخرين ذكورًا، وإناثًا، أحكامهم الواضحة الخاصة بهم، ونصيب الذكور، والإناث واحد في أكثر هذه الأحكام. بل يرجح نصيب الإناث على نصيب الذكور في بعض الأحيان. وها أنا أضعكم أمام نموذج وأمثلة تساوي الرجل مع المرأة في الميراث، ولرجحان نصيبها عليه في بعض الحالات.

أولا: إذا ترك الميت أولادا وأبا وأما ورث كل من الأب والأم سدس التركة، دون تفريق بين ذكورة الأب وأنوثة الأم، ودون أي وجود في هذه المسألة لسلطان “للذكر مثل حظ الأنثيين” لصريح قول الله تعالى: “ولأبويه لكل واحد منهما السدس”.

ثانيًا: إذا ترك الميت أخا لأمه أو أختا لأمه، ولم يكن من يحجبهما عن الميراث، فإن كلا من الأخ والأخت يرث السدس دون تفريق بين الذكر والأنثى، ودون النظر إلى “للذكر مثل حظ الأنثيين”، وذلك عملا بقوله تعالى: “وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس”.

ثالثاً: إذا ترك الميت عددًا من الإخوة للأم اثنين فصاعدا، وعددا من الأخوات اثنتين فصاعدا فإن الإخوة يرثون الثلث مشاركة، والأخوات أيضا يرثن الثلث مشاركة دون تفريق بين الإناث والذكور، ودون اعتبار لقاعدة “للذكر مثل حظ الأنثيين”.

رابعًا: إذا تركت المرأة المتوفاة زوجها وابنتها، فإن ابنتها ترث النصف، ويرث والدها الذي هو زوج المتوفاة الربع. أي أن الأنثى ترث هنا ضعف ما يرثه الذكر.

خامسًا: إذا ترك الميت زوجة وابنتين وأخا له، فإن الزوجة ترث ثمن المال، وترث الابنتان الثلثين، وما بقي فهو لعمهما وهو شقيق الميت. وبذلك يرث كل من البنتين أكثر من عمها؛ إذ أن نصيب كل منهما يساوي 8/24 بينما نصيب عمهما 5/24.

إذن فقد تبين أن قول الله تعالى: “للذكر مثل حظ الأنثيين” ليس قاعدة مستمرة مطبقة كلما اجتمع ذكر وأنثى وكان لهما نصيب من الميراث كما يتوهم كثير من الناس. وإنما هو خاص بالحالة التي ذكرها الله تعالى، وهي أن يجتمع من الورثة أخ عصبة مع أخت له، فإن الأخ يعصب أخته، سواء كانا ولدين للميت أو أخوين له. وعندئذ يكون للذكر مثل حظ الأنثيين. ولهذه الخصوصية حكمتها الباهرة في تحقيق العدالة بين الأخ المعصب والأخت المعصبة.