إذا الخطبة تمت، فإنه يكره العدول عنها وفسخها إلا لضرورة، فإن كانت هناك ضرورة لهذا الفسخ جاز ذلك بلا كراهة، لأن للمرأة ولوليها أو للخاطب أن يحتاط في مثل هذه الأمور الكبيرة ،أما العدول عنها بلا سبب شرعي، فيكره، لأن مثل هذا الفعل من صفات المنافقين، ولا تترتب على العدول عن الخطبة عقوبة دنيوية .

جاء في المغني لابن قدامة ما نصه:

ولا يكره للولي الرجوع عن الإجابة في الخطبة، إذا رأى المصلحة لها في ذلك ; لأن الحق لها ، وهو نائب عنها في النظر لها ، فلم يكره له الرجوع الذي رأى المصلحة فيه ، كما لو ساوم في بيع دارها ، ثم تبين له المصلحة في تركها . ولا يكره لها أيضا الرجوع إذا كرهت الخاطب ; لأنه عقد عمر يدوم الضرر فيه ، فكان لها الاحتياط لنفسها ، والنظر في حظها. وإن رجعا عن ذلك لغير غرض ، كره ; لما فيه من إخلاف الوعد ، والرجوع عن القول ، ولم يحرم ; لأن الحق بعد لم يلزمهما ، كمن ساوم بسلعته ، ثم بدا له أن لا يبيعها .

ويقول الشيخ سيد سابق في كتابه فقه السنة :
إن الخطبة مجرد وعد بالزواج، وليست عقدًا ملزمًا، والعدول عن إنجازه حق من الحقوق التي يملكها كل من المتواعدين .

ولم يجعل الشارع لإخلاف الوعد عقوبة مادية يجازي بمقتضاها المخلف ،وإن عد ذلك خلقا ذميما ،ووصفه بأنه من صفات المنافقين، إلا إذا كانت هناك ضرورة ملزمة تقتضي عدم الوفاء .

ففي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :(آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) .
ولما حضرت الوفاة عبد الله بن عمر قال:انظروا فلانا لرجل من قريش، فإني قلت له في ابنتي قولا يشبه العدة(يعني مايشبه الوعد وليس بوعد)، وما أحب أن ألقى الله بثلث النفاق، وأشهدكم أني قد زوجته .