الموت إلا معبر للدار الآخرة، وما الحياة الدنيا إلا مزرعة للآخرة، والمسلم في هذه الدنيا يعيش بين الخوف والرجاء، لا يغلب الرجاء وحده فيترك العمل فيخسر آخرته، ولا يغلب الخوف وحده فيشقى. ولكن كالطائر الذي يطير بجناحين جناح خوف وجناح رجاء، لا ينفع أن يطير الطائر بجناح واحد أبدا.

وعلى المسلم أن يعي حقيقة وجوده في هذه الحياة الدنيا، وقد بين الله لنا هذه الحقيقة في سورة الذاريات حيث قال: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ”.

فالدنيا مزرعة للآخرة، فنحن نزرع هنا لكي نحصد هناك، فإن زرعنا خيرا فرحنا بغرسنا وثمرنا في الآخرة، وإن كانت الأخرى فلا نلومن إلا أنفسنا.

وعلى هذا يجب على المسلم أولا أن يقوم بتنفيذ كل ما افترضه الله سبحانه وتعالى عليه، كما عليه أن يجتنب كل ما نهاه الله عنه، فخير ما يتقرب به إلى الله تعالى لكي يرضى عليه هو امتثال الأوامر واجتناب النواهي، ففي الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل، حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني، لأعطينه، ولئن استعاذني، لأعيذنه، وما ترددت عن شيء، أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته.

ولكي يبث المسلم الطمأنينة في قلبه، وينزع الخوف الهالع منه، عليه بذكر الله تعالى: “الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”.

وعليه ألا يقنط فإن القنوط ليس من صفة المسلمين، فالمسلم لا يقنط أبدا، حتى إذا قامت القيامة وفي يده فسيلة فإن استطاع أن يزرعها فليزرعها، على الرغم من أن زرعه لها لن يستفيد به أحد، لأن القيامة قد قامت، فالمسلم عليه أن يفعل الخير وأن يتحلى بالأمل.

وعلى هذا فانفض عنك الشعور بالإحباط أيها المسلم وأيتها المسلمة لأن الشيطان يريد من وراء هذا الصنيع أن يصرفكم عن العمل الصالح حتى نذهب إلى يوم القيامة بعمل قليل من الأعمال الصالحة.