اختلف العلماء هل الخلع طلاق أم فسخ، فاختار جمهور الفقهاء أنَّه طلاق، ورتبوا على ذلك أن المرأة المختلعة تعتد من زوجها الذي اختلعت منه عدة المرأة المطلقة.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى أنَّ الخلع رفع للنكاح وليس من الطلاق ، ورتبوا على ذلك أن عدة المرأة المختلعة هي حيضة واحدة، وهو قول عن أحمد في المشهور.

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
ذهب كثير من السلف والخلف إلى أن الخلع فسخ للنكاح وليس هو من الطلقات الثلاث كقول ابن عباس والشافعي وأحمد في أحد قولهما لأن المرأة افتدت نفسها من الزوج كافتداء الأسير وليس هو من الطلاق المكروه في الأصل ولهذا يباح في الحيض بخلاف الطلاق.أهـ

وقال أيضا:
ظاهر مذهب الإمام أحمد وأصحابه أنه فرقة بائنة وفسخ للنكاح وليس من الطلاق الثلاث فلو خلعها عشر مرات كان له أن يتزوجها بعقد جديد قبل أن تنكح زوجا غيره وهو أحد قولي الشافعي واختاره طائفة من أصحابه ونصروه وطائفة نصروه ولم يختاروه وهذا قول جمهور فقهاء الحديث كإسحاق بن راهويه وأبي ثور وداود وابن المنذر وابن خزيمة وهو ثابت عن ابن عباس وأصحابه كطاووس وعكرمة والقول الثاني أنه طلاق بائن محسوب من الثلاث وهو قول كثير من السلف وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي في قوله الآخر ويقال إنه الجديد وهو الرواية الأخرى عن أحمد وينقل ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود… وقد رد ابن عباس امرأة على زوجها بعد طلقتين وخلع مرة قبل أن تنكح زوجا غيره، وسأله إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص لما ولاه الزبير على اليمن عن هذه المسألة، وقال له: إن عامة طلاق أهل اليمن هو الفداء، فأجابه ابن عباس بأن الفداء ليس بالطلاق، ولكن الناس غلطوا في اسمه واستدل ابن عباس بأن الله تعالى قال:
الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ “
قال ابن عباس: فقد ذكر الله تعالى الفدية بعد الطلاق مرتين ، ثم قال:” فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ” وهذا يدخل في الفدية خصوصا وغيرها عموما فلو كانت الفدية طلاقا لكان الطلاق أربعا، وأحمد في المشهور عنه هو ومن تقدم اتبعوا ابن عباس. أهـ

فعلى قول الجمهور  تكون هذه المرأة قد بانت من زوجها؛ لأن الخلع قد أكمل الطلقة الثالثة، لان الخلع عندهم طلاق ينقص به عدده.

وعلى اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لا يحسب الخلع من الطلاق، وله أن يردها قبل أن تنكح زوجا غيره، عملا بفتوى ابن عباس رضي الله عنهما.

وعلى من وقع في مثل هذا الأمر أن يرفع أمره إلى القضاء لكي يحكم له بأحد المذهبين.