الطبيب إذا كان مأذونا له في مزاولة المهنة وبذل جهده في أداء عمله ومع ذلك نتج عن ذلك ضرر لحق بالمريض فلا شيء على الطبيب، أما إن قصر في أداء ما يجب عليه وثبت ذلك فإنه يتحمل تبعة هذا الخطأ وتجب عليه الدية سواء كانت جنايته على النفس أو ما دون النفس.

يقول فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن فايع:

إذا كان قد تسببت في إزهاق روح هذا المريض بأي نوع من أنواع التسبب فإن عليه الدية والكفارة، متى تحقق من ذلك، فإن كان شكاً منه يشعر به ولا دليل عليه ولم يثبت عنده يقيناً فلا شيء عليه إن شاء الله، والقاعدة الفقهية في ذلك (إن اليقين لا يزول بالشك) واليقين هنا هو براءته من إزهاق روحه والشك هو مسئوليته عن هذا الإزهاق، وكذلك يدل لهذا قاعدة (كل مشكوك فيه اجعله كالعدم)، وهي في معنى القاعدة السابقة. أ.هـ

وجاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:

ولا ضمان على حجام ، ولا ختان ، ولا متطبب ، إذا عرف منهم حذق الصنعة ، ولم تجن أيديهم .

وجملته أن هؤلاء إذا فعلوا ما أمروا به ، لم يضمنوا بشرطين :
أحدهما: أن يكونوا ذوي حذق في صناعتهم ، ولهم بها بصارة ومعرفة ؛ لأنه إذا لم يكن كذلك لم يحل له مباشرة القطع ، وإذا قطع مع هذا كان فعلا محرما ، فيضمن سرايته ، كالقطع ابتداء .

الثاني: أن لا تجني أيديهم ، فيتجاوزوا ما ينبغي أن يقطع فإذا وجد هذان الشرطان . لم يضمنوا ؛ لأنهم قطعوا قطعا مأذونا فيه ، فلم يضمنوا ؛ سرايته ، كقطع الإمام يد السارق ، أو فعل فعلا مباحا مأذونا في فعله ، أشبه ما ذكرنا . فأما إن كان حاذقا وجنت يده ، مثل أن تجاوز قطع الختان إلى الحشفة ، أو إلى بعضها ، أو قطع في غير محل القطع ، أو يقطع الطبيب سلعة من إنسان ، فيتجاوزها ، أو يقطع بآلة كالة يكثر ألمها ، أو في وقت لا يصلح القطع فيه ، وأشباه هذا ، ضمن فيه كله ؛ لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ ، فأشبه إتلاف المال ؛ ولأن هذا فعل محرم ، فيضمن سرايته ، كالقطع ابتداء وكذلك الحكم في النزاع ، والقاطع في القصاص ، وقاطع يد السارق . وهذا مذهب الشافعي ، وأصحاب الرأي ، ولا نعلم فيه خلافا .