هذه المسألة لم ينص على تحديدها القرآن ولا السنة، ويروى فيها عن السلف أقوال مضطربة، لا يصح القطع بواحد منها، فمنهم من قال: كانت مدة حملها ساعة، ومنهم من قال: تسعة أشهر كسائر النساء، وهو مروي عن ابن عباس – رضي الله عنهما- وقيل: ستة أشهر، وقيل: سبعة أشهر، وقيل: غير ذلك.

فإن كان ثمة ترجيح فهو للقول الأول، لأن الله قال في خلقه: “إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون” [آل عمران: 59]]، ففيه دليل محتمل على أن خلقه كان معجلاً، ويلي هذا القول، القول الثاني: والقائل به يقول: لو كانت مدة حمله مخالفة لعادات النساء لناسب ذكر ذلك ضمن هذه القصة الغريبة.

ومع ذلك فليست هذه المسألة مما تحرك الهمم لاستقصاء الأقوال فيها والبحث عن الحق فيها… فمهما كان فيها من العجب من قدرة الخالق – عز وجل-، فقد ذكر ما هو أعجب منها وأكبر، وهو خلق عيسى – عليه السلام- من غير أب، فإن هذا يطوي جميع ما هو دونه في أدراجه، وممن ذكر الخلاف وشيئاً مما ذكرته الألوسي في تفسيره روح المعاني(16/79-80).