هناك الكثير من الحكم في منع الانتحار منها أن الشريعة قد أتت بحفظ النفس وفي الانتحار تعدي على حفظ النفس، فإن النفس الإنسانية لا تزهق إلا بالحق والانتحار يعد من زهق النفس بالباطل. قال تعالى : ” وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}، وقوله تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {البقرة:195}.

ولا يقدم على الانتحار إلا من سئم الحياة وقنط من رحمة الله وهذا منهي عنه بل على المسلم ألا يقنط من رحمة الله قال تعالى:(ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) [يوسف: 87].

وكون الإنسان يصاب بالضرر الشاق لا يعد مبرراً للسعي في قتل نفسه، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، فقال لرجل ممن يدعى بالإسلام: “هذا من أهل النار”، فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله! الرجل الذي قلت له آنفا: “إنه من أهل النار” فإنه قاتل اليوم قتالاً شديداً، وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إلى النار” فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحاً شديداً، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: “الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله.

وفي الصحيحين عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: “بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة”.

قال ابن حجر في الفتح: وفي الحديث تحريم قتل النفس سواء كانت نفس القاتل أم غيره، وقتل الغير يؤخذ تحريمه من هذا الحديث بطريق الأولى. وفيه الوقوف عند حقوق الله، ورحمته بخلقه حيث حرم عليهم قتل نفوسهم، وأن الأنفس ملك الله.. وفيه تحريم تعاطي الأسباب المفضية إلى قتل النفس. انتهى.

ويكفي أن يمنع الإنسان نفسه من الانتحار أن الله نهى عنه، وتوعد صاحبه بالنار .

وليصبر كل إنساء على أي بلاء في هذه الدنيا فالله سيجعل له يسرا وفرجا كما وعد ” فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا “