ليس الذبح أمرًا ابتدأ الإسلام إيجابه على أهله ؛ لحكمة فيها يطلبها أو فائدة يكلف الناس الانتفاع بها ، وإنما جاء الإسلام والناس على عادات في أكل الحيوانات :

-بعضها لا علاقة له بالدين.

-وبعضها من تقاليده الخرافية.

فمنع القسم الأخير ألبتة ، وهو الذبح للأصنام ونحوها وعلى النصب تعبدًا وتدينًا.

وحرم من القسم الأول ما يستخبث عند أصحاب الطباع السليمة ويستقذر ، وهو على مهانة أكله مظنة الضرر ، وهو الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير ، كما حرم تعذيب الحيوان بالوقذ وغيره ، وأمر بالرفق والإحسان به بقدر الطاقة ، وحرم الموقوذة – التي تضرب بغير مُحدد حتى تنحلّ قواها وتموت – فجعلها من الميتة ، وكذا ما اعتاده بعض فقراء العرب الممتهنين من أكل فرائس السباع والنطائح وما يتردى في الوديان والحفر فيوجد ميتًا ، إلا ما وقع من ذلك أمام أعينهم فأدركوا فيه حياة فأزهقوا روحه بأيديهم ، فإن أكله ليس فيه من مهانة النفس وضعتها وتعريضها للضرر ما في أكل ما يوجد منه في الفلوات والوديان مترديًا أو مفترسًا مثلاً .

ثم أباح لهم ما وراء ذلك مما لا مهانة فيه ولا مظنة ضرر وأقرهم على ما اعتادوا من أنواع تذكيته وصيده ، فكانوا ينحرون الحيوان الكبير في لبته كالبعير والثور ويذبحون الصغير إذا قدروا عليه وإلا قتلوه بسهم أو حربة ، ويأكلون ما صادوه بأيديهم ورماحهم وسهامهم ومَعَاريضهم وما صادته لهم الجوارح فجاءتهم به ميتًا .

___________________

* مجلة المنار المجلد (16) الجزء (6) .