من أساليب الدعوة التي علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة حال المدعو ومعرفة ما يصلحه وما يفسده ؛ بما يعرف بحسن التأتي .

يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله في هذا :ـ
الحكمة ليست باللين وليست بالشدة . والحكمة :وضع الأشياء في مواضعها، وينبغي للداعية، وكذلك للآمر الناهي أن يعتبر حال المدعو ، وحال المأمور والمنهي ، فقد يكون من الحكمة أن يغلظ لهذا الشخص المأمور ، والمنهي ، أو المدعو .

ولكن إذا دار الأمر بين الشدة أو اللين ماذا تستعمل ؟ إذا كان اللين هو الحكمة ؛ استعملنا اللين ، إذا كانت الشدة هي الحكمة ؛ استعملنا الشدة ، إذا دار الأمر بين أن تكون الحكمة في اللين أو في الشدة ، فماذا نعمل؟
نعمل باللين هذا هو الأصل، هذه القاعدة التي ينبغي أن تسير عليها ، فالرجل الذي لبس خاتم الذهب ، ونزعه النبي صلى الله عليه وسلم من أصبعه حتى رمى به ، وطرحه ، وقال:[ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ] رواه مسلم . هذا تقتضي الحال أن يفعل به هكذا؛  لأن نهي الرجال عن الذهب ، أو لبس الذهب أمر معلوم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم علم من حال هذا الرجل- والعلم عند الله- شيئاً من التهاون .

ولكن لو أن شخصاً رأينا عليه خاتماً من الذهب ، ولكنه جاهل عن الحكم ؛ فإنه لايعامل هذه المعاملة قال الله تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ(46) { [سورة العنكبوت]. فالذين ظلموا من أهل الكتاب لا نجادلهم بالتي هي أحسن، نجادلهم بالأشد ؛ لظلمهم.

فالحكمة هي موافقة الصواب في التصرف والحكم .

والخطأ في التصرف خلاف الحكمة ، ولهذا فبعض الدعاة إلى الله يدعون على غير وجه الحكمة ، فإذا رأى شخصاً على أمر يظنه منكراً قام يشنع عليه وصاح فيه ، ومن ذلك من رأى شخصاً دخل المسجد وجلس بدون أن يصلى تحية المسجد ، فيصيح به بعض الناس ، ولكن الحكمة أن يبين له الحكم ويعرفه بالحديث .

والله تعالى أعلم.