لا يجوز الإيداع في البنوك الربوية بما يعرف بفتح الحسابات الجارية ، أو الودائع تحت الطلب التي لا تدر دخلا للمودع ؛ لأن هذا وإن لم يكن من الربا إلا أن فيه دعما وتقوية لهذه البنوك على الربا ، أما إذا لم توجد بنوك إسلامية متاحة جاز الإيداع الخالي من الفوائد في البنوك الربوية خوفا عليها من الضياع .

يقول الدكتور عبد الله بن محمد العمراني :-
الإيداع في الحساب الجاري في البنوك الربوية محرم، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان ، وفي الإيداع في البنك الربوي إعانة وتقوية له ، حيث إن رأس مال المصرف لا يشكل إلا مبلغاً قليلاً لا يتجاوز 10% والباقي يعمل به من الأموال التي أودعت عنده ، سواء كانت جارية أو غيرها ، ومما يتولد عنها . وعلى هذا فلو لم يودع أحد في المصارف الربوية لتعطلت ولم تعمل في الربا ، فيصدق على من يودع فيها أنه يعينها على الإثم والعدوان . انتهى .

ويقول الدكتور مصطفى الزرقا :-
إن الإيداع في البنوك الربوية كنا نجيزه لاضطرار الناس إليه ، إذ لا يمكن إلزام الناس بأن يخبئوا وفر نقودهم في بيوتهم ؛ لما في ذلك من محاذير ومخاوف معروفة ، ولم يكن يوجد طريق آخر لحفظ أموالهم سوى الإيداع في البنوك . لكن بعد قيام البنوك الإسلامية،  ودُور الاستثمار الإسلامية في مختلف البلاد العربية والاسلامية ، زالت الضرورة ، فلا أرى جواز الإيداع في البنوك الربوية لما فيه من تقوية لها على المراباة . هذا بالنسبة للإيداع .

أما الفوائد التي يحتسبها البنك الربوي للمودعين فإن الفتوى مُطَّردة على أنها لا ينبغي تركها للبنك ، بل تؤخذ ، ولكن لا يجوز للمودع أن ينتفع بها لنفسه أصلاً . انتهى.

ويقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-
إن للإسلام فلسفة معلومة في محاربة المنكر والفساد ، وهي تقوم على حصاره وإغلاق الأبواب دونه بكل سبيل . ولهذا لم يكتف الإسلام بتحريم الشر والمنكر ، بل حرم كل ما يؤدي إليه، أو يساعد عليه . ولهذا اعتبرت من القواعد والمبادئ الأساسية في شأن الحلال والحرام : القاعدة التي تقول: (ما أدى إلى حرام فهو حرام).

ودليل هذه القاعدة أن الله تعالى يقول في القرآن : {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم، إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا} النساء: 140.

وقد أتي إلى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز بجماعة شربوا الخمر، ليقام عليهم حد السكر، وقيل له : يا أمير المؤمنين ، إن فيهم رجلا لم يشرب معهم، وإنما كان جليسا لهم ، بل هو صائم ، فقال عمر: به فابدأوا، وتلا الآية السابقة: {إنكم إذًا مثلهم} .

والنبي صلى الله عليه وسلم لم يلعن (آكل الربا) وحده، بل لعن معه مؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء.

كما لم يلعن شارب الخمر وحده، بل لعن فيها عشرة ، منها عاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، والمقصود كل من يعين على شربها.انتهى.

ومن ضمن قرارات المجمع الفقهي في حكم التعامل مع البنوك الربوية :-
يقرر المجلس ما يلي :-

أولاً : يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله تعالى عنه من التعامل بالربا، أخذًا أو عطاءً، والمعاونة عليه بأي صورة من الصور ، حتى لا يحل بهم عذاب الله، ولا يأذنوا بحرب من الله ورسوله.

ثانيًا : ينظر المجلس بعين الارتياح والرضا إلى قيام المصارف الإسلامية، التي هي البديل الشرعي للمصارف الربوية ويعني بالمصارف الإسلامية كل مصرف ينص نظامه الأساسي على وجوب الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء في جميع معاملاته ويُلزم إدارته بوجوب وجود رقابة شرعية مُلزمة . ويدعو المجلس المسلمين في كل مكان إلى مساندة هذه المصارف وشد أزرها، وعدم الاستماع إلى الإشاعات المغرضة التي تحاول أن تشوش عليها، وتشوه صورتها بغير حق.

ويرى المجلس ضرورة التوسع في إنشاء هذه المصارف في كل أقطار الإسلام، وحيثما وُجِدَ للمسلمين تجمعًا خارج أقطاره، حتى تتكون من هذه المصارف شبكة قوية تهيئ لاقتصاد إسلامي متكامل.

ثالثا: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج، إذ لاعذر له في التعامل معها بعد وجود البديل الإسلامي . ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام.