يجوز الجمع بين المرأة وزوجة أبيها في النكاح، ولا يتعارض هذا مع قولهم: متى قُدِّرَ أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرم الجمع بينهما، وذلك لأن المقصود التحريم من الجهتين وليس من جهة واحدة، جاء في كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد:

اشترط في هذا المعنى أن يعتبر هذا من الطرفين جميعا أعني إذا جعل كل واحد منهما ذكرا والآخر أنثى فلم يجز لهما أن يتناكحا فهؤلاء لا يحل الجمع بينهما. وأما إن جعل في أحد الطرفين ذكر يحرم التزويج ولم يحرم من الطرف الآخر؛ فإن الجمع يجوز كالحال في الجمع بين امرأة الرجل وابنته من غيرها؛ فإنه إن وضعنا البنت ذكرا لم يحل نكاح المرأة منه؛ لأنها زوج أبيه، وإن جعلنا المرأة ذكرا حلَّ لها نكاح ابنة الزوج؛ لأنها تكون ابنة لأجنبي. أهـ

وأيضا لأنَّه لا قرابة بينهما يفترض وصلها فليس بينهما معنى الأختية التي تحرم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها.

جاء في كتاب الأم: إذا تزوج الرجل المرأة وامرأة أبيها فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى: كان يقول هو جائز، بلغنا ذلك عن عبد الله بن جعفر أنه فعل ذلك، وبه يأخذ، تزوج عبد الله بن جعفر امرأة علي رضى الله عنه وابنته جميعا، وكان ابن أبى ليلى يقول: لا يجوز النكاح، وقال: كل امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لم يحل لها نكاح صاحبتها فلا ينبغى للرجل أن يجمع بينهما، قال الشافعي رحمه الله تعالى: لا بأس أن يجمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها. أهـ

وجاء في المغني لابن قدامة المقدسي: لا بأس أن يجمع بين من كانت زوجة رجل وابنته من غيرها، أكثر أهل العلم يرون الجمع بين المرأة وربيبتها جائزا لا بأس به، فعله عبد الله بن جعفر وصفوان بن أمية، وبه قال سائر الفقهاء إلا الحسن وعكرمة وابن أبي ليلى عنهم كراهيته؛ لأنَّ إحداهما لو كانت ذكرا حرمت عليه الأخرى، فأشبه المرأة وعمتها.

ولنا قول الله تعالى : {  وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ولأنهما لا قرابة بينهما فأشبهتا الأجنبيتين، ولأن الجمع حرم خوفا من قطيعة الرحم القريبة بين المتناسبين، ولا قرابة بين هاتين، وبهذا يفارق ما ذكروه.