يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف:
إذا أدى المسلم مناسك الحج أداء صحيحا في أوقاتها وفي أماكنها، فحجه صحيح ومقبول إن شاء الله، سواء أعمل عملا آخر مشروعا مع هذه المناسك كالتمريض أو التجارة أو أي حرفة أخرى أم لم تعمل. لقوله -تعالى- في الحج: ” وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ” ، وكلمة “منافع” تشمل كل المنافع المشروعة، ومنها العمل والتجارة وغيرهما. ولقوله -تعالى-: ” لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ” .

وقد ورد في قراءة أبيّ بن كعب، وهى قراءة تفسيرية: “ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في موسم الحج”.
وسبب نزول هذه الآية ما رواه االبخاري في الصحيح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “كان ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا هذا حتى نزلت” يعني الآية الكريمة.

قال القرطبي -رحمه الله-: في الآية دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادة”
ويقاس على التجارة غيرها من الأعمال النافعة المشروعة، وقد فهم الصحابة أن العمل أثناء الحج لا يتعارض مع إخلاص النية في الحج، وأن الأمر ليس مقصورا على التجارة، بل يشمل غيرها من الحرف.

روى الدارقطني في سننه عن أبي أمامة التيمي قال: قلت لابن عمر: إني رجل أُكرى -أن يعمل أجيرًا- في هذا الوجه، وإن ناسا يقولون: إنه لا حج لك، فقال ابن عمر: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله مثل هذا الذي سألتني، فسكت حتى نزلت هذه الآية: ” لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ” (البقرة: 198)، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن لك حجًّا”.