أخرج أحمد والنسائي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال كان النبي ـ ﷺ ـ يُبشر أصحابه بقدوم رمضان يقول: “قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك. كتب الله عليكم صيامه تُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق فيه أبواب الجحيم. وتُغل فيه الشياطين فيه ليلةٍ خير من ألف شهر من حُرِمَهَا حُرِمَ الخير الكثير”.
جاء في المواهب اللَّدنية للقسطلاني وشرحه للزرقاني “ج 8 ص 99” ما مُلخصه : قال القمولي في الجواهر: لم أر لأحد من أصحابنا كلامًا في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، لكن نقل الحافظ المُنذري عن الحافظ أبي الحسن المقدسي أن الناس لم يزالوا مُختلفين فيه، والذي أراه أنه مباح، لا سنة ولا بدعة، انتهى.
وأجاب الحافظ بعد اطلاعه على ذلك أنها مشروعة، فقد عقد البيهقي لذلك بابًا فقال “باب ما روى في قول الناس بعضهم لبعض في يوم العيد: تقبَّل الله مِنا وَمِنك” وساق ما ذكره من أخبار وآثار ضعيفة، لكن مجموعها يُحتج به في مثل ذلك. ثم قال يحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة أو يندفع من نِقمة بما في الصحيحين عن كعب بن مالك في قصة توبته عند تخلفه عن غزوة تبوك ، قال: فانطلقت إلى النبي ـ ﷺ ـ يتلقاني الناس فوجًا فوجًا يهنئونني بالتوبة ويقولون: لِتَهْنِكَ توبة الله عليك، حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله ـ ﷺ ـ حوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله يُهرول حتى صافحني وهنأني، فكان كعب لا ينساها لطلحة، قال كعب: فلما سلَّمت على رسول الله ـ ﷺ ـ قال وهو يُشرق وجهه من البِشر “أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك.
وللحافظ السيوطي وُرَيْقَات سماها “وصول الأماني بأصول التهاني” قال في أولها : طال السؤال عما اعتاده الناس من التهنئة بالعيد والعام والشهر والولايات ونحو ذلك، هل له أصل في السُّنة؟ فجمعت هذا الجزء في ذلك. انتهى ما في القسطلاني والزرقاني.
بعد هذا نقول: لا مانع من تهنئة الناس بعضهم لبعض بالمُناسبات السعيدة، بل قد يكون ذلك سُنة يُثاب عليها الإنسان إذا قصد بذلك إدخال السرور على أخيه المسلم، لمشاركته فرحته بهذه المناسبة أو النعمة التي أنعم الله بها عليه، وقد روى أن النبي ـ ﷺ ـ سئل: أي الأعمال أفضل؟ فقال: “إدخالك السرور على مؤمن” رواه الطبراني وغيره، كما ثبت أن النية الطيبة تحوِّل العادة إلى عبادة، فالحديث الصحيح يقول: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكلِّ امرئ ما نوى.