يقول الله تعالى:( إنّما المؤمنونَ الذِينَ إذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلوبُهُمْ وإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَياتُه زَادتْهُمْ إيْمانًا وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (سورة الأنفال : 20).
ذكر القرطبي عند تفسير هذه الآية أن وجل القلوب خوف من الله، وفيه أيضًا اطمئنان عند ذكر الله كما قال تعالى:( تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلودُ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلودُهُمْ وقُلوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) (سورة الزمر : 27) وليس منه ما يفعله الجُهّال والأرذال من الزّعيق والزئير والنهاق. ثم ذكر حديث الترمذي: وَعظنا الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب… ولم يقل العرباض بن سارية راوي الحديث: زعقنا ولا رقصنا …
والإمام الغزالي في” الإحياء” تحدّث عن الوجد والتأثر بالقرآن وذكر الله، ولذلك مظاهر: إمّا بكاء وإما تشنُّج وإما غير ذلك، وذكر أن الرسول ـ ﷺ ـ قال:” شيَّبتني هودٌ وأخواتُها” رواه الترمذي وحسنه. وذكر حديث بكاء الرسول ﷺ عندما قرأ عليه ابن مسعود:( فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهيدًا )(سورة النساء : 41) .
ثم ذكر بعض نقول عن وجد الصحابة والتابعين عند سماع القرآن، فمنهم من صعق، ومنهم من غُشِيَ عليه، ومنهم من مات، وكلها أخبار بدون سند يعتمد عليه. ولكن يمكن أن تحدُث، فالطبيعة البشريّة تتأثر بأشياء كثيرة، وبعض الشعوب الآن أو بعض الأفراد عندما يسمعون شعرًا أو كلامًا أو غناءً أو موسيقا يتحرّكون حركات مختلفة، إما بهزِّ الرؤوس أو تمايل الجسم أو الرقص أو غير ذلك، فلا مانع أن يكون بعض الصحابة وغيرهم قد تحرك جسمه عند سماع آيات من القرآن تؤثر بقوة على وجدانه وأعصابه” تقشعِرُّ منْه جلودُ الذِينَ يَخْشَونَ رَبَّهُمْ” وعند قشعريرة الجلد يظهر أثر على الأعصاب والعضلات بأية حركة.
ومع ذلك فالإسلام لا يُقِرُّ شيئًا يتنافى مع الآداب والرجولة والكرامة، كما لا يقرُّ الرياء عند ذكر الله وعند الطاعة بوجه عام.