يفرق الفقهاء بين تكفير الشخص وتكفير النوع، فيمكن الحكم على النوع بالكفر فنقول مثلا إن الشيوعيين كفار، ولكننا لا نحكم على شخص بعينه بالكفر إلا بعد أن يوضح له العلماء ما يكون اعتراه من شكوك أو أوهام أو غير ذلك ثم يستتاب وبعدها يحكم العلماء عليه بالكفر إن لم يرجع ويتوب إلى الله.

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
ينبغي أن نكفر من يجاهرون بالكفر دون استحياء، ونكف عمن ظاهرهم الإسلام وإن كان باطنهم خرابا من الإيمان، فإن هؤلاء يسمون في عرف الإسلام “المنافقين” الذين يقولون آمنا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، أو لم تصدق أعمالهم أقوالهم، فلهم في الدنيا أحكام المسلمين بمقتضى ظاهرهم، وهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، بموجب ما يبطنونه من كفر.

أصناف الكفار الذين يجب أن يدفعوا بالكفر دون مواربة ولا استخفاء:

فمن الكفرة الذين يجب أن يدفعوا بالكفر دون مواربة ولا استخفاء الأصناف التالية: 1. الشيوعيون المصرون على الشيوعية: الذين يؤمنون بها فلسفة ونظام حياة، رغم مناقضتها الصريحة لعقيدة الإسلام وشريعته وقيمه، والذين يؤمنون بأن الدين -كل الدين- أفيون الشعوب، ويعادون الأديان عامة، ويخصون الإسلام بمزيد من العداوة والنقمة؛ لأنه عقيدة ونظام وحضارة كاملة.

2. الحكام العلمانيون ، ورجال الأحزاب العلمانية، الذين يرفضون جهرة شرع الله. وينادون بأن الدولة يجب أن تنفصل عن الدين، وإذا دعوا إلى حكم الله ورسوله أبوا وامتنعوا، وأكثر من ذلك أنهم يحاربون أشد الحرب من يدعون إلى تحكيم شريعة الله، والعودة إلى الإسلام.

3. أصحاب النحل التي مرقت من الإسلام مروقا ظاهرا ، الذين قال عنهم الإمام الغزالي وغيره: ظاهرهم الرفض، وباطنهم الكفر المحض، وقال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: إنهم أكفر من اليهود والنصارى، وذلك لإنكارهم قطعيات الإسلام وأساسياته، وما علم منه بالضرورة.

هل هناك فرق بين النوع والشخص في التكفير:

يجب التفرقة بين النوع والشخص المعين: وهنا أمر يجب أن نلفت النظر إليه، وهو ما قرره المحققون من العلماء، من وجوب التفرقة بين الشخص والنوع في قضية التكفير.
ومعنى هذا: أن نقول مثلا: الشيوعيون كفار، أو الحكام العلمانيون الرافضون لحكم الشرع كفار، أو من قال كذا أو دعا إلى كذا فهو كافر، فهذا وذلك حكم على النوع، فإذا تعلق الأمر بشخص معين، ينتسب إلى هؤلاء أو أولئك وجب التوقف للتحقق والتثبت من حقيقة موقفه، بسؤاله ومناقشته، حتى تقوم عليه الحجة، وتنتفي الشبهة، وتنقطع المعاذير.

وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
“إن القول قد يكون كفرا، فيطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال هذا هو كافر. لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها”.
وهذا كما في نصوص الوعيد. فإن الله تعالى يقول: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا).
“فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق، لكن الشخص المعين لا يشهد عليه بالوعيد، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بالنار، لجواز أن لا يلحقه الوعيد، لفوات شرط، أو ثبوت مانع. فقد لا يكون التحريم بلغه، وقد يتوب من فعل المحرم… وقد تكون له حسنات عظيمة تمحو عقوبة المحرم… وقد يبتلى بمصائب تكفر عنه، وقد يشفع فيه شفيع مطاع”.

قال: “وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها. وقد تكون عرضت له شبهات يعذره الله بها…”.
قال: ومذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والمعين.
فإذا كان كل هذا الاحتياط واجبا في شأن المصرحين بالكفر، فكيف يجترئ مسلم على تكفير الجماهير التي تشهد أن “لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله” وإن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟
إن الإقرار بالشهادتين، قد عصم دماءهم وأموالهم -إلا بحقها- وحسابهم على الله تعالى. فإنما أمرنا أن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.
وقد صح الحديث بل تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله تعالى.