لم يقتصر الإسلام على تحريم الخمر فقط ، بل حرم إهدائها ، وحرم بيعها والانتفاع بثمنها ، وأهدر قيمتها ، وأوجب العقوبة عليها ، هذا ما أرشد إليه القرآن وصرحت به السنة، وانعقد عليه الإجماع .

وبعض المسلمين يأخذ قوله تعالى: ( فاجتنبوه ) على أنها للبعد عن الخمر فقط ولا توجد دلالة واضحة في الآية على أن شرب الخمر حرام، وما تنبه هؤلاء إلى قول الله سبحانه وتعالى: ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ) هل هنا الإجتناب أيضا معناه البعد عن قول الزور فقط وليس قول الزور حرام أي يجوز قول الزور، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .

فليحذر المسلم في تفسير القرآن كما تهوى نفسه وليأخذ دينه مما قال الله تعالى وقال رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال أهل العلم ولا يتبع الهوى فيضل عن سبيل الله.

يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-:

نحن لا نشكُّ ولا يشك أحدٌ مِن الناس أن سعادة الإنسان مَعقودة بحِفظ عقله، والعقل من الإنسان كالقُطب من الرَّحَى، أو الشمس من الكون، أو الروح من الجسد، به يَعرف الخير من الشر، والضارَّ من النافع، والهُدى من الضلال، وبه رَفَع الله شأن الإنسان، ففضَّله وكرمه على كثير من خلْقه: خاطبه وكلَّفه واستخلفه في الأرض، وجعله مسئولًا أمامه عمَّا يأتي وعما يَذَرُ، وحِفْظًا لهذه النعمة الكبرى حرَّم الله عليه أن يندفع مع شهْوته الفاسدة إلى تناوُل ما يُفسد تلك النِّعْمة أو يُضعفها، فيُحرم من آثارها الطيبة، وينزل عن المكانة السامية التي وضَعه الله فيها.

حُرْمة الخمر قطعية لا شك فيها:

ومِن أجل ذلك علَّق الإسلام بالخمر جملةً من الأحكام، تتلاقَى جميعُها وتتعاون على إنقاذ العقل المُؤمن مِن شَرَكِ تلك المادة الخبيثة، وبالاستقراء كان للخمْر في الإسلام عدة أحكام.

فأولها الحُرمة القطعية، وقد ثبتت بالقرآن، والقرآن هو المصدر الأول لتشريع الأحكام. وثبتت بالسُّنة، والسنة: هي المصدر الثاني لتشريع الأحكام، تُبيِّن مُجمل القرآن، وتُثبت ما لم يَعرض له القرآن. وثبتت بالإجماع، والإجماع: اتفاق أهل الدِّراية ومعرفة المصالح من الأمة، وهم أُولو الأمر المذكورون في الآية التي أشارت إلى مصادر التشريع الإسلامي، وهي قوله ـ تعالى ـ: (يا أيُّها الذينَ آمنوا أَطِيعُوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ) والإجماع كما جاء في هذه الآية، هو المصدر الثالث لتشريع الأحكام، وهو مبنيٌّ على الاجتهاد، وبذْل الوُسْعِ في تَحَرِّي المَصلحة التي تتوقف عليها حياة الأمة وانتظام شأنها وتقدُّمها.

وهذه المصادر الثلاثة: القرآن، السنة، الإجماع مرتبة في العمل، كما هي مرتبة في الآية، فلا سُنة ولا إجماع فيما يُخالف القرآن، ولا إجماع فيما يُخالف السُّنة، فإن وُجد الحكم في القرآن فهو المصدر ولا مصدر سواه، وإن وجد في السُّنة، فهي المصدر، ولا مصدر سواها، وإن لم يوجد في القرآن ولا في السنة، فعلى الفقهاء أهل الدِّراية بقواعد التشريع العامة، وبجهات المصالح، أن يجتهدوا، فما اتَّفقوا عليه فهو الحكم ولا حُكم سواه ما دام أساس الحُكم عند أهل النظر والشورى.

القرآن وتحريم الخمْر:

وقد ثبتتْ حُرمة الخمر بالمصادر الثلاثة وهي مما لا يقبل التغيير لتعلُّقها بلازم لا ينفك، ثبتت بتلك الآية الصريحة: (يا أيُّها الذينَ آمنوا إنَّما الخمْر والمَيْسِر والأنْصابُ والأزْلامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشيطانِ فاجتنبُوه لعلَّكم تُفلحون إنما يُريد الشيطانُ أنْ يُوقعَ بيْنكمُ العَداوةَ والبَغضاءَ في الخَمْرِ والمَيْسِرِ ويَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وعَنِ الصلاةِ فهَلْ أنتمْ مُنْتَهُونَ). (الآيتان: 90 ـ 91 من سورة المائدة) وقد احتوتِ الآية على جُملة من أساليب التحريم القوية:

فأولاً: نظَّمتْ الخمر مع مظاهر الشِّرْك في توحيد الله وعبادته، وهي الأنصاب والأزلام في سلك واحد: (إنَّمَا الخمْرُ والمَيْسِرُ والأنْصَابُ والأزلامُ).

ثانيًا: وصفتْ الجميع بأنه: “رِجْسٌ” واستخدمت كلمة إنما الدالة على أنه لا صفة لها سوى الرجسيَّة، وبتتبُّع كلمة: “رجْس” في القرآنِ لم نجدها إلا عنوانًا على ما اشتدَّ قُبْحُهُ، وعظُم عند الله تحريمه: (فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ). (الآية: 30 من سورة الحج). (فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلَى رِجْسِهِمْ وماتُوا وهُمْ كَافِرُونَ). (الآية: 215 من سورة التوبة) (كذلكَ يجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ على الذينَ لا يُؤمنونَ). (الآية: 125 من سورة الأنعام). (فأَعْرِضُوا عنهمْ إنَّهُمْ رِجْسٌ ومَأْوَاهُمْ جَهنَّمُ جزاءً بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ). (الآية: 95 من سورة التوبة) (أوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ). (الآية: 145 من سورة الأنعام). وهكذا اندرج شُرْب الخمر مع الكُفْر والكافرين، وعبادة الأوثان تحت كلمة: “رِجْسٌ”.

ثالثًا: وَصفتِ الآيةُ الخمْرَ بأنها مِن عمل الشيطانِ، وهو كنايةٌ  في اللسان العربي، وفي الأسلوب القرآني، على غايةِ القُبْحِ، ونهاية الشرِّ.

رابعًا: أمرتِ الآيةُ باجتنابه (فَاجْتَنِبُوهُ). ومعناه: أن تكون الخمرُ في جانب، والمُؤمن في جانب منها، بحيث لا يَقرَبُها، فضلًا عن أن يتَّصِلَ بها، فضلًا عن أن يتناولها.

خامسًا: علَّقت الآية على اجتنابه رجاءَ الفلاح، والفلاح يتضمَّن السلامة من الخسران والحصول على خيرَيِ الدنيا والآخرة، وأرشد ذلك إلى أن الاقتراب من الخمر يُوقع في الخسران العام المُطلق.

سادسًا: أرشدتِ الآية إلى أثره السيئ في علاقة الناس بعضهم مع بعض، يقطع الصلات، ويُعد لسفك الدماء وانتهاك الحُرمات (إنَّما يُريد الشيطانُ أن يُوقِعَ بينكم العداوةَ والبَغضاءِ في الخمْرِ والمَيْسِرِ).

سابعًا: سجلت الآية من آثار الخمْر، بعد هذا الضرر الاجتماعي، ضرَرًا آخر رُوحيًّا، يقطع صلة الإنسان بربِّه، وينزع من نَفْسه تَذَكُّرَ عظمة الله عن طريق مُراقبته بالصلاة الخاشعة، وتذَكُّرَ جلاله وجماله، وذلك بما يترك في القلب من قَسْوَةٍ، وفي النفس من دَنَسٍ. (ويَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وعَنِ الصلاةِ). وأخيرًا. تَختم الآية هذه الجهاتِ كلَّها بهذا الاستفهام التقْريعي، الدالِّ على غاية التهديد: (فهلْ أنتمْ مُنْتَهُونَ)؟ تلك أساليب التحريم التي تَضَمَّنَتْهَا آيةُ الخمر، وإنه لفِي الواحد منها ما يملأ قلب المؤمن بربِّه رهبةً من غضبه، إذا ما حدَّثتْه نفسه أن يقترب من الخمْر.

السُّنَّة والإجْماع:

وعلى هذا المبدأ، الذي قررته الآية بتلك الأساليب المختلفة في تحريم الخمر، جاءت عن الرسول الأحاديث الصحيحة بروايات مُتعددة، وأسانيدَ مختلفة: “كلُّ مُسكرٍ خمرٌ، وكلُّ خمرٍ حرامٌ”. “لعَنَ اللهُ الخمرَ، وشارِبَهَا، وساقِيَها، وبائعَها، ومُبتاعها، وعاصرَها، ومُعتصرَها، وحاملَها، والمَحمولَةَ إليه”. والأحاديث في تحريمها، وتحريم صُنعها، والاتصال بها على أيِّ نحوٍ من الأنحاء أكثر من أن تُحصَى، حتى قال العلماء: ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ تحريم الخمر بأخبار تبلغ بمَجموعها رُتْبةَ التواتُر، وأجمعت الأمة من لَدُنِ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى يومنا هذا على تحريمها، وبذلك استقرت الحُرْمة حُكْمًا للخَمْر في الإسلام، وصارت حُرمتُها من المعلوم من الدِّين بالضرروة، ومن لوازم ذلك أن مَن استحلَّها وأنكر حُرمتها يكون خارجًا عن الإسلام، وأن مَن يتناولها طائعًا مُختارًا يكون فاسقًا عن أمر الله، خارجًا على حُدوده، عاصيًا لأحكامه.

منكر تحريم الخمر خارج عن الإسلام:

وهذا هو الحكم الأول من أحكام الخمر في الإسلام، بيَّنه الله في كتابه، وشرحه الرسول في سُنته، وأجمع عليه سلف الأمة وخلفها إلى يومنا هذا، وإلى يوم الدين إن شاء الله.

فمَنِ استحلَّ الخمر بعد هذا التحريم الذي تعددت مصادره وتنوعت طرقه، وقويت أساليبه، وانتشر أمره انتشارًا لا يُمكن أن يَخفَى على مسلم في بلاد الإسلام فهو مُرتدٌّ عن الإسلام؛ لإنكاره مَعلومًا من الدِّينِ بالضرورة.

الحكم الثاني تحريم بيْع الخمر:

مِن سُنة الإسلام في الأحكام أنه إذا حرَّم شيئًا حرم ما يكون ذريعةً إليه، ومن هنا حرَّم على المسلم بيْع الخمر والانتفاع بثمنها، وقد جاء ذلك صريحًا واضحًا في المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، وهو السُّنَّة الصحيحة، التي بلغت بمَجموعها حدَّ التواتر، وانعقد عليه المصدر الثالث وهو الإجماع.

وبذلك كان بيْع الخمر باطلًا عند جميع الأئمة، لا يترتب عليه ملكها للمشتري، ولا ملك ثمنها للبائع، وكان أكْل ثمنها أكلًا للأموال بالباطل، أيْ بوسيلة مُحرمة غير مشروعة، وقد روى ذلك مسلمٌ في صحيحه: “يا أيُّها الناسُ إنَّ اللهَ يُبْغِضُ الخمْرَ، ولعلَّ اللهَ سيُنزلُ فيها أمرًا، فمَن كان عنده منها شيء فلْيَبِعْهُ، ولْيَنْتَفِعْ بِهِ”. وما لَبِثُوا إلا يَسِيرًا حتى قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “إنَّ اللهَ حرَّم الخمر، فمَن أدركتْه هذه الآية يُريد: (إنَّما الخمرُ والمَيْسِرُ). وعنده منها شيء فلا يشربْ ولا يَبِعْ، فاستقبل الناس بما كان عندهم منها طُرُقَ المدينة فسَفَكُوهَا” وكذلك رواه أحمد ومسلم والنسائي: لقِيَ النبي رجلًا يوم الفتح براوية من خمر فقال له: أما علمتَ أن الله حرَّمها؟ فأقبل الرجل على غلامه وقال له اذهب: فبِعْهَا، وكأن الرجل فهم أن التحريم قاصر على شربها، فقال له الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: إن الذي حرم شربها، حرم بيْعها، فأمر بها، فأُفْرِغَتْ في البطْحاء”.

تحريم إهدائها والانتفاع بذاتها:

وكما حرَّم الله بيعها على المسلم حرم عليه أيضًا إهداءها إلى غير المسلم، وقد قيل للرسول بعد أن بيَّن حُرْمة بيْعها: “أفلا أكارم بها اليهود؟ فقال: إن الذي حرَّمها حرم أن يُكارَم بها اليهود”.

ومِن هذا الحكم ـ وهو حُرمة بيعها والانتفاع بثمنها ـ تقرَّرتْ حُرْمَةُ الانتفاع بذاتها على أيِّ نحو من أنحاء الانتفاع عن طريق الخلط بغيرها، أو عن طريق الاستقلال فيَحرم أن تدخل في الطعام بأيِّ قدْر كان، ويحرم أن يُصَفَّفَ بها الشعر، كما تفعله بعض السيدات، ويَحرم تقديمها في موائد المسلمين مُجاملة لغير المسلم. وقد استثنى الإسلام مِن حُرمة الانتفاع بذاتها مواضع الضرورة التي تُبيحُ أكل الميتة، كإحياء النفس المُشرفة على الموت بِغُصَّة أو عطش، والاستعانة بها في الدواء إذا تعيَّنت ولم يُوجد غيرها بإشارة الطبيب الحاذق، الغَيور على شرع الله ودينه، الأمين في علْمه وطِبِّه.

إهدار قيمتها:

ومِن حُرمة بيعها، وحرمة الانتفاع بها أيضًا، سقوط تقوُّمها في حق المسلم، بمعنى أنها لا تضمن بالإتْلاف. وما يجب معرفته هنا أن حقَّ إتلافها إنما أعطاه الإسلام للحاكمِ خاصة. ولم يُعط شيئًا منه للأفراد، دفعًا للفِتَنِ، وحَسْمًا للخُصومات، وبذلك كان للحاكم حقُّ تعزير الأفراد الذين يبيعونها دون إذْن الحاكم، حفظًا للنظام العام، ولمباشرتهم شأنًا خصَّه الشرْع بالحاكم. فعلى الحاكم وحده إتلافُ خمر المسلم، وعلى الحاكم وحده منْع المسلم من بيْعها، وقد كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يَحرق على الخمَّارينَ بُيوتهم، قطعًا لمادة الإفساد، ومُحافظة على الشخصية الإسلامية.

عُقوبة شاربها:

وكما قرَّر الإسلام حق إتلاف خمر المسلم، وجعله قاصرًا على الحاكم، قرر أيضًا عقوبة شاربها، وقصَرها على الحاكم، وقد أجمعتِ الأمة سلفًا وخلفًا على مشروعية العِقاب لشارب الخمْر، وعلى أنه حقٌّ واجب على الحاكم المسلم، وقد ثبت ذلك بالمصدر الثاني من مصادر التشريع، وهو السُّنة التي لا سبيل في الإسلام إلى إهدارها وعدم الاعتداد بها، ومِن ذلك ما رَوى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن أنسٍ ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أُتِيَ برجل قد شرب الخمر، فجُلد بجريدتينِ نحو أربعينَ، وفعله أبو بكر، فلمَّا كان عمر استشار الناس، فقيل: أخفُّ الحدود ثمانون، فأمر به عمر، فجَلد ثمانين.

ومِن ذلك ما رَوى أحمد والبخاري عن السائب بن يزيد قال: كُنَّا نُؤتَى بالشارب في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي إمْرة أبي بكر، وصدْرٍ من إمارة عمر، فنَتقدم إليه فنضربه بأيدينا ونِعالنا وأرْدِيَتِنَا، حتى إذا عَتَوْا فيها وفَسَقُوا، جَلَدَ عمرُ ثمانين.

بهذا وغيره أجمعتِ الأمة على تقرُّر عقوبة شرب الخمر، ولا نعلَم خلافًا في تقرُّر المبدأ، وإنما الخلاف في قدْرها وكيفيتها وآلتِها، وبذلك كانت نوعًا من التعزير الواجب، وقد انتقل به عمرُ إلى الزيادة والمضاعفة نظرًا لاختلاف أحوال الناس، وعملًا على أن تُثمر العقوبة ثمرتها، وهي الردْع والزَّجْرُ، وتطهير المجتمع من مادة الفساد.

وقد بلغ الاعتداد بعقوبة شُرب الخمر أن عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ لم يقف بها عند خصوص الشارب، بل أوقعها على من شهِد مجلس الشراب وإنْ لم يشرب، وفي هذا يقول الإمام ابن تيمية: “رُفع إلى عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ قومٌ شَرِبُوا الخمر فأَمر بجلدهم، فقيل له: إن فيهم فلانًا وقد كان صائمًا؟ فقال: به ابدءوا. أما سمعتم الله يقول: (وقد نَزَّلَ عليكمْ في الكتابِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بهَا ويُستهزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا معهمْ حتَّى يَخُوضُوا في حديثٍ غيرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ). (الآية: 140 من سورة النساء).

وهكذا كانت غَيْرَةُ المؤمنين الصادقين على أحكام الله وحرماته، فاعتبرُوا يا أُولي الأبصار.

أما بعدُ:

فهذه هي أحكام الإسلام في الخمر: حرمة تناولها، حرمة الانتفاع بذاتها، حرمة إهدائها، حرمة بيعها والانتفاع بثمنها، إهدار قيمتها، وُجوب العقوبة عليها، قد بيَّناها كما أمر الله، وبيَّنَّا مصادرها، وهي مصادر التشريع الإسلامي التي أرشد إليها القرآن وصرحت بها السنة، وانعقد عليها الإجماع (فَلْيَحْذَرِ الذينَ يُخالفونَ عَن أمْرِهِ أنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أوْ يُصيبَهمْ عذابٌ أليمٌ).