التَّبْليغ خلف الإمام مشروع، ودليله ما رواه مسلم عن جابر: اشتكى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصلَّيْنا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يُسْمِع الناس تكبيرَه، وروى ذلك عن عائشة أيضًا، وعلق النووي في شرح صحيح مسلم على ذلك بجواز رفع الصوت بالتكبير ليُسْمِع الناس ويَتَّبعوه، وأنه يجوز للمُقْتدي اتِّباع صوت المُكَبِّر، وهذا مذْهبُنا ومذْهب الجمهور ونقلوا الإجماع فيه، وأراه يَصح الإجماع فيه، فقد نقل القاضي عياض عن مذهبهم أنَّ مِنهم من أبطل صلاة المقتدي، ومنهم من لا يُبْطلها، ومنهم من قال: إن أذن له الإمام في الإسماع صح الاقتداء به، وإلا فلا، ومنهم من أبطل صلاة المُستمع ومنهم من صحَّحها، ومنهم مَن قال: إنْ تَكَلَّف صَوْتًا بَطُلت صلاته وصلاة مَن ارتبط بصلاته، وهذا كله ضعيف، والصواب جواز كل ذلك وصحة صلاة المُسْمع والسامع، ولا يُعتبر إذن الإمام. انتهى.

ذكر هذا السيد الحموي في رسالته” القول البليغ في حُكْم التَّبليغ” مجلة الإسلام – العدد 22 في 30 أغسطس 1935.
وجاء في فقه المذاهب الأربعة نشر أوقاف مصر” أنَّ مِن سُنَنِ الصلاة جَهْرَ الإمام بالتكبير والتسميع ـ سمع الله لمن حمده ـ والسلام؛ لِإِعْلام مَن خَلفه، فإن كان مَن خلفَه يَسمع كُرِهَ التبليغ مِن غَيْره، لعدم الاحتياج إليه، ويَجب أن يَقصد المبلغ ـ سواء كان إمامًا أو غيره ـ الإحرام للصلاة بتكبيرة الإحرام، فلو قَصد الإعْلام فقط لم تنْعقد صلاته.

الشافعية قالوا: إذا قصد بتكبيرة الإحرام الإعلام والإحرام لا تنعقد صلاته أيضًا. أما غير تكبيرة الإحرام من تكبيرات الانتقال والتسميع والتحميد فإن قصد بها التبليغ فقط فلا تَبْطُل صلاته، وإنما يَفُوته الثواب والشافعية قالوا: إذا قصد بهذه الأشياء مجرد التبليغ أو لم يقصد شيئًا بطلت صلاته. أما إن قصد التبليغ مع الذِّكر فإن صلاته صحيحة، بخلاف تكبيرة الإحرام، كما تقدم.