كلمة آمين معناها :‏ اللهم استجب ، وفيها لغتان مشهورتان :‏ المد على وزن فـاعيل مثل ياسين ، والقصـر على وزن يمين .‏ وهى ليست من القراَن ، ويـسن قولها بعد كل دعاء ، روى أبو داود عن أبى زهير النميرى أن النبى صلى الله عليه وسلم وجد رجلا يلح فى المسـألة ، أي الدعاء ، فوقف يـسمع منـه ثم قال ” أوجب إن ختم ” وسئل عن الختم فقال “بآمين ” .‏
وفى الخبر ” لقننى جبريل آمين عند فراغى من فاتحة الكتاب وقال :‏ إنه كالخاتم على الكتاب .‏

وثبت فى الحديث ” إذا أمنَ الإمام فأمنوا ، فإنه مَنْ وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ” رواه البخـارى ومسلم وغيرهما بعبارات مختلفـة ويستحب التأمين فى الصـلاة للإمام والمأموم والمنفرد .‏

يقول النووى فى ” الأذكار ” :‏ ويجهر به الإمام والمنفرد فى الصلاة الجهرية ، والصحيح أن المأموم أيضا يجهر به ، سواء كان الجمع قليلا أو كثيرا ، ويستحب أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده -‏ للحديث المتقدم -‏ وليس فى الصلاة موضع يستحب أن يقترن فيه قول المأموم بقول الإمام إلا فى قوله آمين .‏ وأما باقى الأقوال فيتأخر قول المأموم .‏

وجاء فى تفسير القرطبى “ج ‏1 ص ‏129″ أن العلماء اختلفوا:‏ هل يقولها الإمام وهل يجهر بها فذهب الشافعى ومالك فى رواية المدنيين إلى ذلك ، وقال الكوفيون وبعض المدنيين :‏ لا يجهر بها .‏ وروى ابن القاسم عن مالك أن الإمام لا يقولها بل يقولها المأمون ، والدليل حديث مسلم ” إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم ، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا :‏ آمين ، يحبكم اللَّه ” والصحيح قول الإمام لها لحديث أبى داود والدارقطنى عن وائل بن حُجْر:‏ كـان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قرأ “ولا الضالين ” قال ” آمين ” يرفع بها صوته .‏

وقال عطاء “آمين ” دعاء ، أمَّن ابن الزبير ومن وراءه ، حتى إن للمسجد للجَّة أى صوتا أو دويا، قال الترمذى :‏ وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ، يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين لا يخفيها ، وبه يقول الشافعى وأحمد وإسحاق ، وفى الموطا والصحيحين قال ابن شهاب :‏ وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول “آمين ” وفى سنن ابن ماجه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا قال ” غير المغضوب عليهم ولا للضالين ” قال ” آمين ” حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد .‏

يقول القرطبى :‏ قال أصحاب أبى حنيفة :‏ الإخفاء بآمين أولى من الجهر بها، لأنه دعاء وقد قال اللَّه تعالى ” ادعوا ربكم تضرعا وخفية ” ورد عليه بأن إخفاء الدعاء أفصل لما يدخله من الرياء .‏ أما صلاة الجماعة فشهودها إشهار شعار ظاهر، وإظهار حق يُنْدَبُ العباد إلى إظهاره ، وقد ندب الإمام إلى إشهار قراءة الفاتحة المشتملة على الدعاء والتأمين فى آخرها ، فإذا كان الدعاء مما يُسنُّ الجهر فيه فالتأمين على الدعاء تابع له وجارٍ مجراه .‏ وهذا بيِّن .‏

ثم تحدث القرطبى عن أن كلمة ” آمين ” لم تكتب قبلنا إلا لموسى وهارون عليهما السلام .‏ ذكر حديث ابن ماجه ” ما حسدتكم اليهود على شىء ما حسدتكم على السلام والتأمين ” والمراد بالسلام هو تحية المسلمين لأنها تحية أهل الجنة ، هذا وذكر الحافظ المنذرى هذا الحديث وقال :‏ رواه ابن ماجه بإسناد صحيح وابن خزيمة فى صحيحه وأحمد ولفظه :‏ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكرت عنده اليهود فقال ” إنهم لم يحسدونا على شىء كما حسدونا على الجمعة هدانا اللَّه لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التى هدانا اللَّه لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين ” .‏

يؤخذ من هذا أنه يندب قول آمين لكل مصلٍّ بعد قراءة الفاتحة كما يندب الجهر بها للإمام والمأموم وتحرى موافقة المأموم للإمام فيها ، وذلك على رأى جمهور الفقهاء وفيه إظهار لشعيرة الصلاة والاجتماع عليها ، وهو أولى بالأتباع من رأى أبى حنيفة لأمرين :‏ أنه رأى الأغلبية الذى تؤيده النصوص القوية ، وأن فيه إشهارًا وإعلامًا بشعيرة إسلامية ومظهرا من مظاهر الوحدة .‏

والتأمين فى القنوت لايختلف عن التأمين بعد الفاتحة من حيث الحكم.