شركات التأمين الإسلامي أو التعاوني هي شركات خدمات، أي أنها تدير عمليات التأمين وتستثمر أمواله نيابة عن هيئة المشتركين، وعلاقة الشركة بهيئة المشتركين علاقة معاوضة، فهي الأمينة على أموال التأمين، وتقوم بالإدارة نيابة عن هيئة المشتركين وأهم ما يقوم عليه التأمين الإسلامي أو التعاوني أنه يقوم على مبدأ التعاون والتكافل ولا يشتمل على الربا فعقود المساهمين ليست ربوية ولا يستغل ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية، والفائض في التأمين الإسلامي يعود إلى مجموع المؤمنين ولا يعود إلى شركة التأمين.

يقول فضيلة الدكتور حسام عفانه –أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:

الفقه الإسلامي فقه حيوي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وفقهاء الأمة في كل عصر وأوان يقدمون الحلول للمشكلات التي يواجهها المجتمع المسلم، لذا فالفقه الإسلامي فقه غني، وهو فقه عملي تطبيقيي أيضاً، وفي عصرنا الحاضر قدَّم فقهاء الأمة حلولاً للقضايا المعاصرة في مختلف جوانب الحياة، كالقضايا الطبية المعاصرة وكذا القضايا الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وكان من أهم هذه القضايا المعاصرة ما يتعلق بالمعاملات المالية المعاصرة مثل الحقوق المعنوية كحق التأليف والاختراع والاسم التجاري ونحوها ومثل قضايا النقود، ومثل البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامي وغيرها كثير، وهذه الحلول تقوم على الأصول الفقهية المقررة عند أئمتنا وفقهائنا، وكثير من هذه المسائل بحثت على مستوى المجامع الفقهية والندوات الخاصة والبحوث والرسائل الجامعية وغير ذلك.

إذا تقرر هذا فإن تعريف التأمين الإسلامي باعتباره نظاماً هو:[اتفاق بين شركة التأمين الإسلامي باعتبارها ممثلة لهيئة المشتركين (حساب التأمين أو صندوق التأمين) وبين الراغبين في التأمين (شخص طبيعي أو قانوني) على قبوله عضواً في هيئة المشتركين والتزامه بدفع مبلغ معلوم (القسط) على سبيل التبرع به وبعوائده لصالح حساب التأمين على أن يدفع له عند وقوع الخطر تعويض طبقاً لوثيقة التأمين والأسس الفنية والنظام الأساسي للشركة.] التأمين الإسلامي د. علي القرة داغي ص 203.وانظر أيضاً التأمين على حوادث السيارات د. حسين حامد حسان.

وقد بدأ التأمين الإسلامي بشكل عملي وتطبيقي منذ حوالي الأربعين عاماً، وقد نشأ التأمين الإسلامي ليكون بديلاً عن التأمين التجاري ذي القسط الثابت، وقد سبقت نشأة التأمين الإسلامي وصاحبته، دراسات فقهية معمقة، لبيان حكمه وتأصيله شرعاً، ولوضع حلول للمشكلات التي تواجه التأمين الإسلامي.

وكان من القرارات الصادرة بجواز التأمين الإسلامي وتأصيله شرعاً القرار الصادر عن هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية سنة 1397هـ وفق 1977 م، وجاء فيه ما يلي:

[الأول: إن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر.

الثاني: خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النساء فليست عقود المساهمين ربوية ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية.

الثالث: إنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع لأنهم متبرعون فلا مخاطرة ولا غرر ولا مغامرة بخلاف التأمين التجاري فإنه عقد معاوضات مالية تجارية. الرابع: قيام جماعة من المساهمين أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون سواء كان القيام بذلك تبرعاً أو مقابل أجر معين.].

وقرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي سنة 1398هـ وفق 1978م وقد جاء فيه ما يلي:[ قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 51 بتاريخ 4/4/1397هـ من جواز التأمين التعاوني بدلاً عن التأمين التجاري المحرّم ].

وقرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1406هـ وفق 1985م وجاء فيه ما يلي:

أولاً:إن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً.

ثانياً:إن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.

ثالثاً:دعوة الدول الإسلامية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني وكذلك مؤسسات تعاونية لإعادة التأمين، حتى يتحرر الاقتصاد الإسلامي من الاستغلال، ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه الأمة.] مجلة المجمع عدد 2، ج 2/731.

وهذا ما أفتت به ووافقت عليه هيئات الرقابة الشرعية لعدد من البنوك الإسلامية وهيئات الرقابة الشرعية لشركات التأمين الإسلامية.

وفي وقتنا الحاضر صار التأمين الإسلامي له حصة كبيرة من سوق التأمين، وشركات التأمين الإسلامي في ازدياد، وقد جاء في دراسة حديثة لواقع شركات التأمين الإسلامي ما يلي: [ تبلغ نسبة نمو قطاع التأمين المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية “التأمين الإسلامي” مابين 20 ـ 25% سنويا بينما يبلغ نمو قطاع التأمين التجاري نسبة تتراوح ما بين 6 ـ 7% سنويا ويعزى ذلك إلى نمو القطاع المالي الإسلامي بوجه عام] عن شبكة الإنترنت.

وأما عن أهم الأسس التي يقوم عليها التأمين الإسلامي فهي:

أولاً:التأمين الإسلامي يقوم على مبدأ التعاون والتكافل، وهو مبدأ شرعي أصيل قامت عليه عشرات الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ثانياً:إن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار، فالأقساط المقدمة من حملة الوثائق في التأمين التعاوني تأخذ صفة التبرع وهو تبرع يلزم بالقول على رأي الإمام مالك رحمه الله.

وعلى هذا يكون العضو ملتزماً بدفع القسط بمجرد توقيعه على العقد، وبالتالي يكون الأعضاء متبرعين بالأقساط التي يدفعونها، وبعوائد استثمار هذه الأقساط، في حدود المبالغ اللازمة لدفع التعويضات عن الأضرار التي تصيب أحدهم.

كما يتضمن التوقيعُ على وثيقة التأمين قبولَ العضو للتبرع من مجموع أموال التأمين أي الأقساط وعوائدها الاستثمارية وفقاً لأحكام وثيقة التأمين والنظام الأساسي للشركة حسب أحكام الشريعة الإسلامية، والعضو لا يتبرع بالأقساط وعوائدها جملة، بل يتبرع منها بما يكفي لدفع التعويضات… ولا مانع أن يحقق التأمين التعاوني أرباحاً من خلال استثمار الأرصدة المجتمعة لديه استثماراً مشروعاً، والممنوع هو أن تكون الغاية المعاوضة والاسترباح لا مجرد تحقيق الأرباح ] التأمين التعاوني الإسلامي د. صالح بن حميد عن الإنترنت.

ثالثاً: تخلو عقود التأمين الإسلامي من الربا بنوعيه: ربا الفضل وربا النسيئة، فعقود المساهمين ليست ربوية ولا يستغل ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية. التأمين الإسلامي د. علي القرة داغي ص 210.

رابعاً:التأمين الإسلامي يعتمد على أقساط التأمين المحصلة، وعلى استثمارها في أمور مشروعة تخلو من الربا أو المعاملات المحرمة ويتم دفع التعويضات من ذلك.

كما أن شركة التأمين الإسلامي لا تتملك أقساط التأمين وإنما تكون ملكاً لحساب التأمين وهو حق للمشتركين، وتقوم شركة التأمين الإسلامي بإدارة الحساب نيابة عنهم.

خامساً:الفائض في التأمين الإسلامي يعود إلى مجموع المؤمنين ولا يعود إلى شركة التأمين، ولكن شركة التأمين الإسلامي تأخذ حصة من الفائض إما باعتبارها وكيلة بأجر أو باعبتارها مضارباً.

سادساً:تحتفظ شركة التأمين الإسلامي بحسابين منفصلين، أحدهما لاستثمار رأس المال، والآخر لحسابات أموال التأمين.

سابعاً: شركات التأمين الإسلامي هي شركات خدمات، أي أنها تدير عمليات التأمين وتستثمر أمواله نيابة عن هيئة المشتركين، وعلاقة الشركة بهيئة المشتركين علاقة معاوضة، فهي الأمينة على أموال التأمين، وتقوم بالإدارة نيابة عن هيئة المشتركين، والعوض الذي تأخذه الشركة مبلغ مقطوع، أو نسبة من الأقساط التي تجمعها، أو التعويضات التي تدفعها باعتبارها وكيلاً، أو نسبة معلومة من عائد الاستثمار باعتبارها مضارباً، أو هما معاً.] التأمين التعاوني الإسلامي د. صالح بن حميد. عن الإنترنت.

ثامناً:تخضع جميع أعمال شركة التأمين الإسلامي للتدقيق من هيئة رقابة شرعية للنظر في مدى توافقها مع الأحكام الشرعية.

وخلاصة الأمر أن التأمين الإسلامي عقد مشروع إذا تمَّ وفق القواعد والضوابط الشرعية.