اختلف المفسرون في البكائين السبعة.

وذكر القرطبي اختلاف المفسرين في ذلك، ومجمل القول فيهم أنهم سبعة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قيل:إنهم إخوة من بني مقرن ،وقيل:بل هم من قبائل متفرقة ،جاءوا يطلبون من الرسول الراحلة كي يجاهدوا في سبيل الله،فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم:(لا أجد ما أحملكم عليه)،فخرجوا من عنده ،وهم يبكون ،ونزل فيهم قول الله تعالى : (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ماينفقون)،واستنبط العلماء من ذلك ،أن من لم يجد الزاد في الجهاد فليس واجبا عليه.
يقول الإمام القرطبي في قوله تعالى: “ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم” :
روي أن الآية نزلت في عرباض بن سارية. وقيل: نزلت في عائذ بن عمرو. وقيل: نزلت في بني مقرن – وعلى هذا جمهور المفسرين – وكانوا سبعة إخوة، كلهم صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم، وليس في الصحابة سبعة إخوة غيرهم، وهم النعمان ومعقل وعقيل وسويد وسنان وسابع لم يسم.
وبنو مقرن المزنيون سبعة إخوة هاجروا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشاركهم – فيما ذكره ابن عبدالبر وجماعة – في هذه المكرمة غيرهم. وقد قيل: إنهم شهدوا الخندق كلهم. وقيل: نزلت في سبعة نفر من بطون شتى، وهم البكاؤون أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ليحملهم، فلم يجد ما يحملهم عليه؛ فـ “تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون” فسموا البكائين.
وهم :

-سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف وعلية بن زيد أخو بني حارثة.
-وأبو ليلى عبدالرحمن بن كعب من بني مازن بن النجار.
-وعمرو بن الحمام من بني سلمة.
-وعبدالله بن المغفل المزني، وقيل: بل هو عبدالله بن عمرو المزني.
-وهرمي بن عبدالله أخو بني واقف.
-وعرباض بن سارية الفزاري.
هكذا سماهم أبو عمر في كتاب الدرر له. وفيهم اختلاف.
قال القشيري: معقل بن يسار وصخر بن خنساء وعبدالله بن كعب الأنصاري، وسالم بن عمير، وثعلبة بن غنمة، وعبدالله بن مغفل وآخر.
قالوا: يا نبي الله، قد ندبتنا للخروج معك، فاحملنا على الخفاف المرفوعة والنعال المخصوفة نغز معك. فقال: “لا أجد ما أحملكم عليه” فتولوا وهم يبكون.
وقال ابن عباس: سألوه أن يحملهم على الدواب، وكان الرجل يحتاج إلى بعيرين، بعير يركبه وبعير يحمل ماءه وزاده لبعد الطريق.
وقال الحسن: نزلت في أبي موسى وأصحابه أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ليستحملوه، ووافق ذلك منه غضبا فقال: “والله لا أحملكم ولا أجد ما أحملكم عليه فتولوا يبكون؛ فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاهم مايتزودون به..
فقال أبو موسى: ألست حلفت يا رسول الله؟ فقال: (إني إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني).
قلت: وهذا حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم بلفظه ومعناه.
وقال الحسن أيضا وبكر بن عبدالله: نزلت في عبدالله بن مغفل المزني، أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستحمله، فنزلت .
والجمهور من العلماء على أن من لا يجد ما ينفقه في غزوه أنه لا يجب عليه.
والله تعالى أعلم.