إذا كان في المقبرة أجساد أو عظام للموتى ،فلا يجوز الانتفاع بها ، ولكن إن كانت المقبرة مهجورة ، وتؤكد من أنها لا تحوي عظاما أو أجسادا لموتى فلا مانع من الانتفاع بها، مادام هناك سبب لهذه المنفعة . ‏

يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر – رحمه الله – :

إذا دُفن المسلم في قبره صار هذا القبر كالشيء الموقوف عليه، فلا يجوز الاعتداء عليه، ولا انتهاك حرمته، ما دام يوجد من الميت شيء من لحمه أو عظامه. ولكن إذا فَنِيَ الجسد، وصار الميت ترابًا بين التراب، فإن أرض القبر في تلك الحالة يَصحُّ الانتفاع بها في وجوه الانتفاع المختلفة، فيجوز دفن ميت جديد فيها، كما يجوز الانتفاع بهذه الأرض في الزراعة أو البناء أو الإقامة عليها، أو غير ذلك من المصالح والمنافع.

ومن هذا نفهم أنه لا مانع شرعًا من شقِّ شارع أو بناء عمارة في مكان المقبرة إذا كانت هذه المقبرة كما سبق لم يعد فيها أجسام ولا عظام للموتى الذين دُفنوا فيها.

وإذا أُرِيد الانتفاع ببقعة مقبرة لمصلحة عامة، وكانت هذه المقبرة مهجورة، أو لم يَعُد الناس يُدفنون فيها، لوجود غيرها، ولسبب آخر من الأسباب، فإن هذه المقبرة المهجورة تُتْرك مُدَّة كافية، حتى يتأكَّد الناس بعد مُضِيِّ هذه المدة، أنه لم يبقَ في باطنها شيء من أجسام الموتى أو عظامهم، ثم يجوز لهم بعد ذلك استخدامُها فيما يريدون مِن مقاصدَ مشروعة.

وينبغي أن نتذكَّر أن القبور لها حرمة، فقد نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن القعود عليها أو الدَّوْس بالأقدام، أو نبشها لغير حاجة، والحكمة في ذلك هي استبقاء تكريم المسلم حيًّا وميتًا؛ لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول في سورة الإسراء: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الآية : 70).