العقيقة من السنن الثابتة في حق المستطيع، ومن لم يملك ثمن العقيقة فلا يلزمه أن يستدين ولكن إن استدان وكان قادرا على أداء الدين فله الأجر، وعسى الله أن يقضى عنه دَينه .
العقيقة وحكمها:
يقول الدكتور حسام الدين عفانة أستاذ الفقه بجامعة القدس :
العقيقة من السنن الثابتة عن النبي ﷺ، فقد ثبت في الحديث عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :( مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى ) رواه البخاري .
وعن سَمُرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمَّى ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال : حسن صحيح .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما :( أن رسول الله ﷺ عقّ عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً ) رواه أبو داود، وقال النـووي :إسناده صحيح . المجموع 8/428 وغير ذلك من الأحاديث .
ولا شك أن إحياء السنن النبوية أمر مطلوب شرعاً من المسلم، فينبغي المحافظة على هذه السنة في حق كل من كان مستطيعاً لها ، فالأفضل لمن أراد العقيقة أن يكون مستطيعاً، فإذا كانت الواجبات الشرعية كالحج قد اشترط فيها الاستطاعة فمن باب أولى السنن .
حكم الاستدانة من أجل العقيقة:
قال بعض أهل العلم: إن العقيقة مشروعة في حق الفقير الذي لا يملك ثمنها ، بل إن الإمام أحمد يرى أنه يستحب للمسلم إن كان معسراً أن يستقرض ويشتري عقيقة ويذبحها إحياءً للسنة .
وقد ورد عن الإمام أحمد وقد سئل عن العقيقة إن استقرض ، قال الإمام أحمد :[ رجوت أن يخلف الله عليه ، أحيا سنة ]. وسأله ابنه صالح:[ الرجل يولد له وليس عنده ما يعق أحب إليك أن يستقرض ويعق عنه أم يؤخر ذاك حتى يوسر ؟ قال : أشد ما سمعنا في العقيقة حديث الحسن عن سمرة عن النبي ﷺ :( كل غلام مرتهن بعقيقته ) وإني لأرجو إن استقرض أن يعجل الله الخلف لأنه أحيا سنة من سنن رسول الله ﷺ واتبع ما جاء عنه . تحفة المودود ص 50-51 .
وعقَّب ابن المنذر على كلام الإمام أحمد بقوله :[ صدق أحمد إحياء السنن واتباعها أفضل وقد ورد فيها من الأخبار التي رويناها ما لم يرد في غيرها ولأنها ذبيحة أمر النبي ﷺ بها فكانت أولى كالوليمة والأضحية ] المغني 9/460
وقال ابن القيم معقباً على كلام الإمام أحمد ما نصه :
وهذا لأنه سنة ونسيكة مشروعة بسبب تجدد نعمة الله على الوالدين وفيها سر بديع موروث عن فداء إسماعيل بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به فصار سنة في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عند ولادته كما كان ذكر اسم الله عليه عند وضعه في الرحم حرزاً له من ضرر الشيطان … ] تحفة المودود ص51
وينبغي أن يعلم أن كثيراً من الناس ينفقون نفقات باهظة عند الولادة في شراء الملابس والحلويات وغيرها ويقيمون الحفلات المحرمة شرعاً ويبخلون عن العقيقة فلا يعقون عن أولادهم .
وخلاصة الأمر أن من لم يملك ثمن العقيقة فلا يلزمه الاستدانة من أجل العقيقة ولكن إن استدان وعق فله الأجر والثواب ودَينه مقضي بإذنه تعالى؛ لأنه أحيا سنة نبوية .