حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف:

يقول الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-:
الاحتفال بالمولد النبوي سُنَّة حسنة من السُّنن التي أشار إليها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: “ومَنْ سنَّ سُنَّة حسنة فله أجرُها وأجرُ مَنْ عَمِل بها، ومَنْ سنَّ سُنَّةً سيئة فعليه وِزْرُها ووِزْرُ مَنْ عَمِل بها”، وذلك لأنَّ له أصولًا ترشد إليه وأدلة صحيحة تسوق إليه، استنبط العلماء منها وجه مشروعيته. ومن هذه الأدلة ما يأتي:

1. سئل ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن صوم الاثنين فقال: “فيه وُلِدْتُ، وفيه أُنْزِل عليَّ. رواه مسلم ، فجعل ولادته في يوم الاثنين سببًا في صومه .

2. سئل ابن حجر عن هذا المولد فكان مما قال : “وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما يثبت في الصحيحين من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق اللهُ فيه فرعونَ ونجَّي موسي، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى. فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما مَنَّ به في يوم من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة” .

والشكر لله يحصل على أنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ـ وأيُّ نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم.

أول من بدأ بالأحتفال بالمولد النبوي:

أما التاريخ الذي ابتدئ به هذا الاحتفال فقد قال السيوطي:
إن أول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زيد الدين علي ابن بكتين، أحد الملوك الأمجاد والكبراء والأجداد، وكان له آثار حسنة، وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قيسون، وكان ذلك في القرن السابع.

ولا يعني ترك السلف لهذا العمل الصالح مخالفتَه للشرع؛ لأن السلف الصالح كان عندهم من اليقظة الدينية وحبِّ النبي الكريم ما يُغنيهم عن التذكير بيوم مولده للاحتفال.

وقد كانت الموالد كلها فيما مضى من نشأتها طاعة لله ـ عزَّ وجلّ ـ القصد منها الطعام وذكر الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وتعريف المسلمين بفضائل نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحثهم على متابعته.

منكرات المولد النبوي:

أمَّا ما يحدث في الموالد اليوم مما ينافى الاحتفال بهذه الذكرى مِنْ لَهْوٍ واختلاط النساء بالرجال، وانتشار المفاسد والموبقات، والإقبال على المحرمات ، وصرف عن طاعة الله، وطاعة رسوله ومقارفة للمعاصي إلا قليلًا من المحافظين على حرمات دينهم، فلم يكن له وجود فيما مضى، والموالد بحاجة إلى رعاية وتقويمٍ وفرض عقوبات على كل مستهتر بدينه لا يرعى لله ولا لرسوله حرمة .

ما يجب أن يفعله من يحتفل بالمولد النبوي:

ومما ينبغي التنبيه إليه أن الاحتفال بمولد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينبغي أن يكون باستعراض سُنَّته، والتذكير بدعوته، والاسترشاد بِهَديه، وأن يكون بالإكثار من العبادة والذكر والصدقة في سبيل الله .

ومن المهم جدا أن على من يحتفل بالمولد النبوي أن يسير بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يعمل بسنته وأن يلتزم شرع الله في حياته وأن يكون هذا اليوم الذي احتفل فيه تذكيرا له على إلتزام شرع الله تعالى.