الملائكة: (عالم غيبي مخلوقون عابدون لله تعالى، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، خلقهم الله تعالى من نور، ومنحهم الانقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه). قال الله تعالى: (ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون)

وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى.

الإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بوجودهم.
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه (كجبريل) ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالا.
الثالث: الإيمان بما علمنا من صفاتهم، كصفة (جبريل) فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه رآه على صفته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق.

وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل، كما حصل لجبريل حين أرسله تعالى إلى مريم فتمثل لها بشرا سويا، وحين جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو جالس في أصحابه جاءه بصفة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة، فجلس إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، والساعة، وأماراتها، فأجابه النبي (صلى الله عليه وسلم) فانطلق. ثم قال (صلى الله عليه وسلم) هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم). رواه مسلم.

وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى إلى- إبراهيم- ولوط- كانوا على صورة رجال.

الرابع: الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى، كتسبيحه، والتعبد له ليلا ونهارا بدون ملل ولا فتور. وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة:

مثل: جبريل الأمين على وحي الله تعالى يرسله الله به إلى الأنبياء والرسل.

مثل: ميكائيل الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات.

ومثل: إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق.

ومثل: ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت.

ومثل: مالك الموكل بالنار وهو خازن النار.

ومثل: الملائكة الموكلين بالأجنة في الأرحام إذا تم للإنسان أربعة أشهر في بطن أمه، بعث الله إليه ملكا وأمره بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد.

ومثل: الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص، ملكان: أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال. ومثل: الملائكة الموكلين بسؤال الميت إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه.

ثمرات الإيمان بالملائكة:

الإيمان بالملائكة يثمر ثمرات جليلة منها: الأولى: العلم بعظمة الله تعالى، وقوته، وسلطانه، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق.

الثانية: شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث وكل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.

الثالثة: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى.

وقد أنكر قوم من الزائغين كون الملائكة أجساما، وقالوا إنهم عبارة عن قوى الخير الكامنة في المخلوقات، وهذا تكذيب لكتاب الله تعالى وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وإجماع المسلمين.

قال الله تعالى: (الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع). وقال: (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم). وقال: (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم). وقال: (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق، وهو العلي الكبير). وقال في أهل الجنة: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدار).

وفي- صحيح البخاري– عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (إذا أحب الله العبد نادى جبريل أن الله يحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء، أن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض).

وفيه أيضا عنه قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم) (إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجاءوا يستمعون الذكر).

وهذه النصوص صريحة في أن الملائكة أجسام لا قوى معنوية، كما قال الزائغون وعلى مقتضى هذه النصوص أجمع المسلمون.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين.