الأيام المنهي عن صيامها قسمان :

الأول : أيام يحرم الصوم فيها ، وهي: يوما العيدين بالإجماع ، وأيام التشريق على الراجح وفق رأي الجمهور، وهذا القسم يبطل صيامه على رأي الجمهور.

الثاني: أيام يكره فيها الصيام، وهي: يوم الجمعة منفرداً ، كذا يوم السبت إن لم يوافق عادة للصائم، ويوم الشك بنية رمضان، و الصيام المتواصل بدون إفطار بعض الأيام ـ صيام الدهر ـ والوصال في الصوم ، بأن يصوم الليل مع النهار، وصيام المرأة نفلا بدون إذن زوجها المقيم.

وهذا القسم صيامه صحيح مع الكراهة باتفاق .

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

الأيام التي نهينا عن الصيام فيها قد يكون النهي للتحريم، وقد يكون للكراهة، وإذا كان للتحريم فالصوم باطل، وإذا كان للكراهة؛ فالصوم صحيح.

وهذه الأيام هي:

1 ـ صوم يوم العيد الأصغر ويوم العيد الأكبر، وذلك بإجماع العلماء.

وقد روى أحمد وأصحاب السنن أن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: ( إن رسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن صيام هذين اليومين ، أما يوم الفطر ففطركم من صيامكم، وأما يوم الأضحى فكلوا من نسككم ). أي: الأضاحي.

2 ـ أيام التشريق الثلاثة التي بعد يوم عيد الأضحى، لحديث أحمد عن أبي هريرة بإسناد جيد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث عبد الله بن حذافة يطوف بمنى ألاّ تصوموا هذه الأيام ، فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل . وروى مثله الطبراني عن ابن عباس.

والإمام الشافعي: أجاز صيام أيام التشريق لسبب كالنذر أو الكفارة أو القضاء.

3 ـ صيام يوم الشك وهو: يوم الثلاثين من شعبان، للحديث الحسن الصحيح الذي رواه الترمذي: ( من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم، إلا أن يكون عادة له ).

4 ـ صوم يوم الجمعة منفردا ؛ والجمهور على أن النهي عن صومه وحده نهي كراهة، فإذا سبقه يوم أو جاء بعده يوم وهو صائم، فلا تحريم ولا كراهة في هذا الصيام، وكذلك إذا وافق عادة له، أو كان يوم عرفة أو عاشوراء .

والدليل على ذلك حديث رواه أحمد والنسائي بإسنادٍ جيدٍ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دخل على جويرية بنت الحارث وهي صائمةٌ يوم جمعة فقال لها: ( أصمت أمس؟) فقالت: لا. قال: ( أتريدين أن تصومي غداً ؟ ) قالت: لا. قال: ( فأفطري إذاً ).

وحديث الصحيحين: ( لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم ).

وفى لفظ لمسلم: ( ولا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم ).

5 ـ صوم يوم السبت منفرداً ، لحديثٍ رواه أحمد وأصحاب السنن، وحسَّنه الترمذي: ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاءَ عنبٍ ـ قِشره ـ أو عودَ شجرةٍ فليمضغه ). يعني: فليفطر.

وهذا رأي الجمهور ، ولكن الإمام مالك جوز صيامَه وحده.

ولا كراهة في صوم يوم السبت إذا وافق عادة أو كان يوم عرفة أو عاشوراء أو كان قضاءً أو نذراً .

6 ـ وكما نهى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن صيام هذه الأيام ، نهى عن صيام الدهر كله بما فيها الأيام التي نهى الشارع عن صيامها، كيومي العيد وأيام التشريق.

والدليل على ذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لا صام من صام الأبد ). رواه البخاري ومسلم وأحمد.

فمن أفطر في هذه الأيام فقد خرج من حد الكراهة، هكذا روي عن مالك والشافعي وأحمد، والأفضل أن يصوم يوما ويفطر يوما.

7 ـ ونهى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الزوجة أن تصوم وزوجها حاضرـ غير مسافرـ إلا بإذنه، لحديثٍ رواه البخاري ومسلم: ( لا تَصُمْ المرأةُ يوماً واحداً وزوجها شاهدٌ إلا بإذنه إلا رمضان ). والنهي للتحريم، ولو صامت جاز للزوج أن يفسد صومها ـ أي : يأمرها بالفطر .

وهذا في غير رمضان، ولو كان الزوج غائبا، فلها أن تصوم بغير إذنه، وكذلك لو كان مريضاً عاجزاً في هذه الناحية ـ الجماع ـ فلا داعي لإذنه في الصيام.

8 ـ وقد نهى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن وصال الصوم أي: لا يفطر عند الغروب، ويستمر صائما طول الليل حتى يصله باليوم الثاني.

روى البخاري ومسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( إياكم والوصال ). قالها ثلاث مرات. قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله: قال: ( إنكم لستم في ذلك مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، خذوا من الأعمال ما تطيقون ).وفى رواية للبخاري: ( لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر).