الأفضل في صلاة الليل عند الجمهور أن تصلى مثنى مثنى، وقال الإمام أبو حنيفة بالتخيير بين التثنية والتربيع، فيجوز أن تصلى أربعا أربعا، كما يجوز أن تصلى ست ركعات أو ثمانٍ متصلة، بتشهد واحد أو تشهدين.

وأما صلاة الضحى أو أي تطوع بالنهار فالأولى أن تصلى ركعتين ركعتين عند الجمهور كصلاة الليل، لأن أقلها ركعتان، وأكثرها ثماني ركعات .
وقال الإمام أبو حنيفة وجماعة من الفقهاء: إن الأفضل في نافلة النهار أن تصلى أربعا أربعا. فلا مانع أن تصلى أربعا، أو أربعا وأربعا.

جاء في كتاب “إحكام الأحكام” لابن دقيق العيد الشافعي:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال { سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم – وهو على المنبر – ما ترى في صلاة الليل ؟ قال : مثنى , مثنى . فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة . فأوترت له ما صلى . وإنه كان يقول : اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا } .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس , لا يجلس في شيء إلا في آخرها }, وقد أخذ به الشافعي , وأجاز الزيادة على ركعتين من غير حصر في العد , وحاصل قوله : أنه متى تنفل بأزيد من ركعتين , شفعا أو وترا , فلا يزيد على تشهدين .

وفي كتاب “طرح التثريب” لعبد الرحيم العراقي الشافعي:
ولأصحاب السنن الأربعة بإسناد صحيح { صلاة الليل والنهار مثنى مثنى } صححه البخاري وابن حبان.
وفي صحيح مسلم عن عقبة بن حريث: فقيل لابن عمر ما مثنى مثنى ؟ فقال يسلم من كل ركعتين.
فإن قلت إذا كان مدلول مثنى اثنين اثنين فهلا اقتصر على مرة واحدة وما فائدة تكرير ذلك ؟ قلت هو مجرد تأكيد وقوله مثنى محصل للغرض.
وفي هذا الحديث أن الأفضل في نافلة الليل أن يسلم من كل ركعتين وهو قول مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد والجمهور ورواه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة والحسن البصري وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وسالم بن عبد الله بن عمر ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي وغيرهم وحكاه ابن المنذر عن الليث بن سعد وحكاه ابن عبد البر عن ابن أبي ليلى وأبي ثور وداود.
وقال الترمذي في جامعه والعمل على هذا عند أهل العلم أن صلاة الليل مثنى مثنى وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق أ.هـ.

وقال أبو حنيفة الأفضل أن يصلي أربعا أربعا وإن شاء ركعتين وإن شاء ستا وإن شاء ثمانيا وتكره الزيادة على ذلك .

فنوافل النهار عنده لا يسلم فيها من كل ركعتين، بل الأفضل أن يصليها أربعا أربعا وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد ورجح ذلك بفعل ابن عمر راوي الحديث فقد صح عنه أنه كان يصلي بالنهار أربعا أربعا رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عنه وعن نافع مولاه وإبراهيم النخعي ويحيى وهو ابن سعيد الأنصاري وحكاه ابن المنذر عن إسحاق بن راهويه وحكاه ابن عبد البر عن الأوزاعي وذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور إلى أن الأفضل في نوافل النهار أيضا التسليم من كل ركعتين.

وذكر ابن عبد البر عن مضر بن محمد قال سألت يحيى بن معين عن صلاة الليل والنهار فقال صلاة النهار أربع لا يفصل بينهن وصلاة الليل ركعتين فقلت له إن أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول صلاة الليل والنهار مثنى مثنى فقال بأي حديث ؟ فقلت بحديث شعبة عن يعلى بن عطاء عن علي الأزدي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { صلاة الليل والنهار مثنى مثنى } فقال : ..أدع رواية يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر أنه كان يتطوع بالنهار أربعا لا يفصل بينهن وآخذ بحديث علي الأزدي؟! , لو كان حديث علي الأزدي صحيحا لم يخالفه ابن عمر .(انتهى).

وفي “المغني” لابن قدامة الحنبلي:
وصلاة التطوع مثنى مثنى، يعني يسلم من كل ركعتين , والتطوع قسمان ; تطوع ليل , وتطوع نهار , فأما تطوع الليل فلا يجوز إلا مثنى مثنى . هذا قول أكثر أهل العلم , وبه قال أبو يوسف , ومحمد . وقال أبو حنيفة : إن شئت ركعتين , وإن شئت أربعا , وإن شئت ستا , وإن شئت ثمانيا . ولنا , قول النبي صلى الله عليه وسلم : { صلاة الليل مثنى مثنى } متفق عليه . وعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { مفتاح الصلاة الطهور , وبين كل ركعتين تسليمة } . رواه الأثرم .

ولأنه أبعد عن السهو , وأشبه بصلاة الليل , وتطوعات النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصحيح في تطوعاته ركعتان .

والصحيح أنه إن تطوع في النهار بأربع فلا بأس , فعل ذلك ابن عمر , وكان إسحاق يقول : صلاة النهار أختار أربعا , وإن صلى ركعتين جاز . ويشبهه قول الأوزاعي , وأصحاب الرأي ; لما روي عن أبي أيوب , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أربع قبل الظهر لا تسليم فيهن تفتح لهن أبواب السماء } . رواه أبو داود . ولأن مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم : { صلاة الليل مثنى مثنى } أن صلاة النهار رباعية . ولنا على أن الأفضل مثنى , ما تقدم .