استحب جمهور أهل العلم أن يؤذن في أذن المولود اليمنى وأن تقام الصلاة في أذنه اليسرى, وهذا في مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.

يقول الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ

عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة رضي الله عنهما) رواه الترمذي وأحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي وغيرهم وقال الشيخ الألباني: حديث حسن.
وذكر الشيخ الألباني حديثاً آخر يقوي الحديث المتقدم ويشهد له وهو ما رواه البيهقي في (شُعب الإيمان)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما :( أن النبي صلى الله عليه وسلم أذنّ في أذن الحسن بن علي يوم ولد وأقام في أذنه اليسرى) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/331 .
وبناء على هذين الحديثين استحب جمهور أهل العلم أن يؤذن في أذن المولود اليمنى وأن تقام الصلاة في أذنه اليسرى . وهذا في مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
وذكر عن الحسن البصري أنه كان يفعل ذلك. وروى ابن المنذر عن عمر بن عبد العزيز أنه كان إذا وُلِدَ له ولد أذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى. الفتح الرباني 13/135 .

سر الأذان للمولود عند ولادته:
قال العلامة ابن القيم مبيناً الحكمة من هذه السنة:( وسر التأذين والله أعلم: أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته – أي كلمات الأذان – المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك بمثابة تلقينه لشعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثره به وإن لم يشعر مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان وهو كان يرصده حتى يولد فيقارنه للمحنة التي قدّرها الله وشاءها فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به. وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان . كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها سابقة على تغيير الشيطان ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم ] تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ص25-26 .

وقال العلامة ابن علان : قوله ( أذن في أذن الحسن ) أي أتى بكلمات الأذان المعروفة في أذن الحسن عقب ولادته ليكون الذِكْرُ أول شيء يقرع سمعه لأن الشيطان ينخس فيه عند الولادة فاستحب الأذان حينئذ لأن الشيطان يدبر عند سماعه ] الفتوحات الربانية على الأذكار النووية 6/94-95 .

ومن جهة أخرى فإن من السنة أيضاً في حق المولود أن يحنَّك بالتمر فقد ثبت في الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:( ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسمّاه إبراهيم وحنَّكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه إليَّ وكان أكبر ولد أبي موسى) رواه البخاري.

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت: (فخرجت وأنا متم – أي أتمت مدة الحمل – فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدت بقباء ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حنَّكه بالتمرة ثم دعا له فبرَّك عليه وكان أول مولود في الإسلام ) أي في المدينة بعد الهجرة . رواه البخاري ومسلم .
وكذلك فقد ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة ابن أبي طلحة:( لمّا ولد غلام لأبي طلحة من زوجته أم سليم حيث حمل أنس الطفل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم تمراً فمضغه ثم أخذه من فيه فجعله في فم الصبي ثم حنَّكه وسماه عبد الله ) والحديث في الصحيحين

والتحنيك هو مضغ تمر أو غيره حتى يصير مائعاً ثم يوضع في فم الطفل ويدلك به فم الطفل. والتحنيك سنة بالإجماع كما قال الإمام النووي ويستحب أن يحنَّكه إنسان صالح من رجل أو امرأة. والتحنيك يكون بالتمر كما هو مذكور في الأحاديث السابقة فإن لم يتيسر فبالرطب وإلا فشيء حلو وعسل النحل أولى من غيره.

والتحنيك بالتمر له فوائد عديدة فالتمر من الفواكه الجافة وهو غني بالسكر والسليلوز ويحتوي نسبة كبيرة من المواد السكرية ويستطيع الجهاز الهضمي هضمه وامتصاصه خلال ساعة تقريباً وفي التمر نسبة من المواد البروتينية والمواد الدسمة ويحتوي على نسبة من المواد المعدنية وهو غني بالفيتامينات. وأفادت بعض الدراسات العلمية أن جعل شيء من التمر بعد مضغه في فم الطفل يخفف المغص والآلام عند الأطفال ويهدئ الأطفال.

يقول الدكتور صبري القباني: لذلك فإننا ننصح الأطباء بإعطاء كل طفل ثائر عصبي المزاج بضع تمرات في صباح كل يوم لتضفي السكينة والهدوء على نفسه فتحد من تصرفاته واضطراباته …  الغذاء لا الدواء ص 122. وللتمر فوائد أخرى كثيرة ذكرها العلماء قديماً وحديثاً.