يستعمل الناس بعض الأدوية المسكِّنة للصُّداع أو السُّعال والتي تضاف إليها مواد مخدرة والبعض يتردد في استعمالها .

فمن المعلوم أن الله سبحانه لم يجعل شفاء أمّة النّبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ فيما حُرِّم عليها كما نصّ الحديث الشريف الذي رواه البخاري عن ابن مسعود ، والبيهقي وصححه ابن حبان عن أم سلمة وكما جاء في حديث آخر ” يا عِباد الله تداوَوا، فإن الله لم يجعل داء إلا جعل له دواءً، ولا تداوَوا بمُحَرَّمٍ ” رواه أبو داود .
والمواد المُخدِّرة نفسُها يحرم التداوي بها، سواء أكانت خَمرًا أم غير خمر، كما قاله ابن تيمية وذلك لورود النص بالحرمة، وذهب الجمهور إلى أن التداوي بغير الخمر من المخدرات ليس حرامًا، بل هو جائز للضرورة قياسًا على تداوي العُرنيين بأبوال الإبل، حيث رخص لهم النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في ذلك كما رواه البخاري ومسلم لكنّهم اشترَطوا ثلاثة شروط.
أوّلها: ألا يكون هناك دواء حلال.
والثاني: أن يقول بذلك طبيب مسلم.
الثالث: أن يكون القدر المخدِّر قليلاً لا يُسكِر، قال النووي في”المجموع”: قال أصحابنا: يجوز شرب الدواء المُزيل للعقل للحاجة، وقال الروياني: والنبات الذي يسكِر وليس في شدّة مُطربة يجوز استعماله في الدواء وإن أفضى إلى سكر ما لم يكن منه بدٌّ.
وقال ابن رجب في كتابه ” جامع العلوم والحكم ” : المسكِر الذي يُزيل العقل ويسكره إن لم يكن فيه طَرب ولا لذّة كالبنج قال أصحابنا: إنْ تناولَه لحاجة التداوي به وكان الغالِب منه السلامة جازَ.
وجاز في فقه المذاهب الأربعة للجزيري: أن المائعات النّجِسة التي تُضاف إلى الأدوية والروائح العطرية لإصلاحها يعفي عن القدر الذي به الإصلاح، قياسا على الإنفحة المُصلحة للجُبْن.
والقَطرات القليلة غير الظاهرة والتي لا يكون من شأنها الإِسكار إذا اختلطت بالدواء المركب لا تحرم، مثل القليل من الحرير في الثوب. أفادَه في المنار.