اختلف العلماء في جواز تجزئة العجل أو البدنة[1] إلى حصص مختلفة كأن يقصد أحدهم العقيقة والآخر جزاء الصيد والثالث الهدي والرابع الأضحية، فمنع هذه الصورة المالكية والحنابلة وأجازها الحنفية بشروط، وأجازها الشافعية مطلقا.

وتفصيل القول في المسألة:

ذهب المالكية والحنابلة : لا يجزئ في العقيقة إلا بدنة كاملة أو بقرة كاملة.

جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى  (من كتب الحنابلة)

(ولا تجزئ بدنة أو بقرة ) تذبح عقيقة ( إلا كاملة ) نصا. أهـ

وجاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع (من كتب الحنابلة) أيضا:

والبدنة والبقرة عن سبعة،يستثنى من ذلك العقيقة، فإن البدنة لا تجزئ فيها إلا عن واحد فقط. أهـ

وقال المالكية : لا يجوز الاشتراك في الثمن أو اللحم، فإن اشترك جماعة في الثمن، بأن دفع كل واحد منهم جزءا منه، أو اشتركوا في اللحم، بأن كانت الشاة أو البدنة مشتركة بينهم لم تجزئ عن واحد منهم، بخلاف إشراكهم في الثواب ممن ضحى بها قبل الذبح.[2]

  أما الشافعيةفأجازوا أن أن تكون العقيقة في سبع من بدنة أو من بقرة، وعلى هذا فيجوز جعل نصيبا لعقيقة الولدين وأقله السبعان، ونصيب الأضحية أقله السبع من البقرة.

قال  النووي ـ رحمه الله ـ في كتابه المجموع :       

لو ذبح بقرة أو بدنة عن سبعة أولاد أو اشترك فيها جماعة جاز سواء أرادوا كلهم العقيقة أو أراد بعضهم العقيقة وبعضهم اللحم. أهـ

و جاء في كتاب طرح التثريب للحسين العراقي-من فقهاء الشافعية-:
جعل الشافعية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة وقالوا لو أراد بعضهم العقيقة وبعضهم غيرها جاز كما في  الأضحية. أهـ

أما الحنفية فقد فصلوا في المسألة فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إلى جواز اشتراك أكثر من شخص في البدنة الواحدة بشرط أن يكون الجميع قاصدا القربة فإن تخلفت نية أحدهم كأن أراد اللحم فقط لم يصح. وشدد زفر واشترط أن يكون الجميع مشتركا في القربة نفسها كأن يشترك الجميع في البدنة من أجل الأضحية أو من أجل العقيقة، وروي أيضا كراهة الاختلاف في القربة عند أبي حنيفة.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

إذا اشترك فيها [أي البدنة] سبعة، فلا بد أن يكون كل واحد منهم مريدا للقربة، وإن اختلف نوعها. فلو اشترى سبعة أو أقل بدنة، أو اشتراها واحد بنية التشريك فيها، ثم شرك فيها ستة أو أقل، وأراد واحد منهم التضحية، وآخر هدي المتعة، وثالث هدي القران، ورابع كفارة الحلف، وخامس كفارة الدم عن ترك الميقات، وسادس هدي التطوع، وسابع العقيقة عن ولده أجزأتهم البدنة. بخلاف ما لو كان أحدهم يريد سبعها ليأكله، أو ليطعم أهله، أو ليبيعه، فلا تجزئ عن الآخرين الذين أرادوا القربة.

هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد.

وذلك، لأن القربة التي في الأضحية، وفي هذه الأنواع كلها إنما هي في إراقة الدم، وإراقة الدم في البدنة الواحدة لا تتجزأ، لأنها ذبح واحد، فإن لم تكن هذه الإراقة قربة من واحد أو أكثر لم تكن قربة من الباقين، بخلاف ما لو كانت هذه الإراقة قربة من الجميع، وإن اختلفت جهتها، أو كان بعضها واجبا وبعضها تطوعا.

وقال زفر : لا يجزئ الذبح عن الأضحية أو غيرها من القرب عند الاشتراك، إلا إذا كان المشتركون متفقين في جهة القربة، كأن يشترك سبعة كلهم يريد الأضحية، أو سبعة كلهم يريد جزاء الصيد، فإن اختلفوا في الجهة لم يصح الذبح عن واحد منهم، لأن القياس يأبى الاشتراك، إذ الذبح فعل واحد لا يتجزأ، فلا يتصور أن يقع بعضه عن جهة، وبعضه عن جهة أخرى، لكن عند اتحاد الجهة يمكن أن تجعل كقربة واحدة، ولا يمكن ذلك عند الاختلاف، فبقي الأمر فيه مردودا إلى القياس.

وروي عن أبي حنيفة أنه كره الاشتراك عند اختلاف الجهة، وقال : لو كان هذا من نوع واحد لكان أحب إلي، وهكذا قال أبو يوسف. أهـ

على أن هناك من العلماء من أجاز اجتماع الأضحية والعقيقة وذلك إذا صادف يوم الذبح وقت العقيقة الذي هو في اليوم السابع من ميلاد الصبي أو اليوم الرابع عشر أو اليوم الحادي والعشرين.

قال ابن القيم ـ  رحمه الله ـ في كتابه تحفة المولود : ” الفصل الثامن عشر في حكم اجتماع العقيقة والأضحية:
قال الخلال : باب ما روي أن الأضحية تجزىء عن العقيقة:
أخبرنا عبد الملك الميموني أنه قال لأبي عبد الله [أي: الإمام أحمد]: يجوز أن يضحى عن الصبي مكان العقيقة؟ قال: لا ، ثم قال : غير واحد يقول به. قلت من التابعين ؟ قال نعم.
وأخبرني عبد الملك في موضع آخر قال: ذكر أبو عبد الله أن بعضهم قال فإن ضحَّى أجزأ عن العقيقة.
وأخبرنا عصمة بن عصام حدثنا حنبل أن أبا عبد الله قال : أرجو أن تجزىء الأضحية عن العقيقة إن شاء الله تعالى لمن لم يعق.
وأخبرني عصمة بن عصام في موضع آخر قال: حدثنا حنبل أن أبا عبد الله قال : فإن ضحى عنه أجزأت عنه الضحية من العقوق.
قال : ورأيت أبا عبد الله اشترى أضحية ذبحها عنه وعن أهله وكان ابنه عبد الله صغيرا فذبحها، أراه أراد بذلك العقيقة والأضحية، وقسم اللحم، وأكل منها ” أهـ

[1]البدنة بفتح الباء والدال يقصدون بها  الإبل والبقر، فتطلق على الثور والبقرة والجمل والناقة.

[2]الموسوعة الفقهية الكويتية (5/91)