صوم الفريضة هو صوم رمضان، أما صوم رجب وشعبان ووصلهما برمضان فقد كره ذلك بعض العلماء، ولكن الصيام فيهما والإكثار منه مستحب، وفيه فضل كبير .

إن الصيام المفروضَ هو صيام شهر رمضان، وصيام النَّذر والكفارات، وما عدا ذلك فمُستحب، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ رغَّب في صيام التطوع بمثل ما جاء في صحيحَيِ البخاري ومسلم: “ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا”، ومن الصيام المُستحب الصيام في الأشهر الحُرم التي منها شهر رجب، وكذلك الصيام في شهر شعبان .

وقد نقل ابن حجر كراهة الحرص على صيام رجب تشبيهًا برمضان، أو لأنه ثابت مُؤكَّد، أو لفضل خاص يزيد على صيام باقي الشهور.

والصيام في شهر شعبان وَردَت أحاديث صحيحة، منها ما رواه البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصوم أكثر شهر شعبان، بل كان يصومه كلَّه أحيانًا وجاء في رواية تقول في سبب ذلك: تعظيمًا لرمضان، كما روى النسائي أن أسامة بن زيد سأله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمْ أَرَكَ تصوم في شهر ما تصوم في شهر شعبان، فقال: “ذاك شهر يَغْفُلُ الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرْفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأُحِب أن يُرفع عملي وأنا صائم .

وصيامه كله أو أكثر لمن وصل النصف الثاني بالنصف الأول ، أما الذي لم يَصله فيُكره أو يحرم أن ينشىء صيامًا في النصف الثاني لحديث رواه أبو داود، وبه أخذ الشافعي، كما جاء النهي عن صوم يوم أو يومين قبل رمضان لحديث رواه الجماعة: “لا تَقَدَّموا ـ تتقدموا ـ صوم رمضان بيوم ولا يومين، إلا أن يكون صومًا يصومه رجل فلْيصم ذلك اليوم “.

هذا ولم يَرد حديث مقبول يقول: إن صيام رجب كله وشعبان كله ووصلهما برمضان بدعة مذمومة، فالصوم في رجب وشعبان مشروع كما قدَّمنا. الأول: لأنه من الأشهر الحرم.

والثاني: لفعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

غير أن هناك توصيةً بعدم الإرهاق وتكلف الإنسان ما لا يُطيق، ففي البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصوم شهرًا أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول: “خُذُوا من العمل ما تُطيقونَ فإنَّ الله لا يَملُّ حتى تَمَلُّوا.

فإذا كان في صيام الشهرين إرهاق يؤثِّر على صيام رمضان كان التتابع مُخالفًا للحديث، ويُكره أن يكون ذلك عن طريق النذر فقد يحصل العجز ويكون المحظور، ومن استطاع بغير إرهاق فلا مانع، مع مراعاة إذن الزوج إذا أرادت الزوجة أن تصوم هذا التطوع، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: “لا يحلُّ لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تَأْذَنُ في بيته إلا بِإِذْنِهِ.