إن المقصود من الزواج المعاشرة والمؤانسة والموافقة، فإذا بُدِّلَت الموافقة إلى المشاكلة والمخالفة والتباعد والتناحر بين الزوجين، ورغم محاولاتهما -ومن حولهما- لا يستطيعان أن يستمرا في هذه العلاقة إلا بمعصية الله عز وجل، إذا حدث هذا فقد أباح الله عز وجل لهما أن ينفصلا بالطلاق، حتى وإن كان بينهما الولد.

هل يمكن الاستمرار في الزواج من أجل الأبناء فقط:

إذا لم يكن هناك تجانس ولا توافق بين الزوجين ولكن يمكن الإبقاء على العلاقة الزوجية لمصلحة لا تخصهما وهي مصلحة المشتركة بينهما فالأفضل -طالما أنها قادرة على ألا تتزوج بغيره- أن تستمر معه لمصلحة الأولاد؛ لأن وجودها زوجة لأب الأولاد يساعد على تربيتهم، والمحافظة على الأولاد –هذا القصد الطيب- يصلح الأمر بينهما؛ قال الله تبارك وتعالى لنبي له: “وأصلحنا له زوجه”؛ فالحياة الزوجية بيد الله عز وجل -بعد الأخذ بالأسباب– والأولاد أعظم الأسباب التي يتقرب بها الزوجان ليصلح الله لهما. 

ونحن ندعو الزوجة بشكل عام -وإذا كانت في بلاد الغربة بشكل خاص- إلى التمسك بالعلاقة الزوجية؛ لأن الأولاد إذا لم يجدوا الأبوين فسينحرفون غالبًا؛ حيث إن سرعة الحياة والرغبة في الدنيا شديدة، والله يأجرها خيرًا إن استعانت بالله على دوام هذه العلاقة، وهي لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.

9 أسباب لاستمرار الحياة الزوجية:

1- استمرار الزواج يحافظ على سمعة الإنسان في المجتمع ويعطيه الوجاهة، كما أن الطلاق أبغض الحلال وكذلك مرفوض اجتماعيا، وهذه المعاني تؤثر على بعض الحالات فيستمر الزواج.

2 – وجود الحب على الرغم من التقصير في الزواج، فلعل أحد الزوجين يكون بحبه سببا لاستمرار الحياة الزوجية.

3 – العيش في ذكريات الماضي ففي بعض الحالات يستمر الزواج المؤلم لأن أحد الزوجين يعيش على الذكريات الجميلة الماضية في أولى سنوات الزواج.

4 – الخوف من الوحدة بعد الانفصال فبعض المتزوجين يفضلون الحياة المشتركة وإن كانت مؤلمة وغير سعيدة على الوحدة ولو كان معها الحرية.

5 – أن يكون لدى كلا الزوجين أو أحدهما الأمل في تغير الطرف الآخر في المستقبل وهذا أكثر الأسباب في استمرار الزواج.

6- بعض الزوجات لا تملك سكنا خاصا أو أن أهلها وأقرباءها ليسوا معها في نفس البلد أو لا يوجد عندها دخل تعيش منه لوحدها أو تصبر من أجل طيبة أهل زوجها وحبهم لها، فتفضل الاستمرار بدل التشتت بعد الانفصال.

7 – أنهما تعودا على مشاكل بعضهما البعض وتأقلما على حياتهما فصارت المشكلة أو الشعور بالتقصير جزءا أساسيا من الحياة الزوجية.

8 – وجود الأولاد بينهما وهما الرابط الذي يجمعها ويجعلهما يستمران مع بعض.

9 – الأجر والثواب دافع في الاستمرار، فالزواج له عدة أهداف منها العفة وعدم الوقوع بالحرام ومنها التعاون على إدارة الحياة ومنها الثواب والأجر، فكل عمل يقوم به الزوجان للأسرة من تربية وكدح وسعي فيه أجر وثواب.

فهذه (9) أسباب لاستمرار الزواج المتعثر، وخاصة بعد مضى مدة زمنية معينة فيكون الانفصال صعبا لأن الزوجين كأنهما استثمرا في بعضهما البعض ولا يرغبان بهدم هذا الاستثمار من الوقت والمال والعواطف والتربية والعلاقات.

وهناك الكثير من الحالات كان الزواج فيها متعثرا في بدايته ولكنه استمر وصار مثالا للسعادة الزوجية، فلا نحكم على استمرار الزواج وسعادته من مشكلة أو مشكلتين فالصبر وبذل السبب والدعاء كفيل بأن يعالج المشاكل الزوجية بإذن الله سبحانه وتعالى.