الذي نحب أن ننبه إليه أن اللباس الذي تخرج به الزوجة حتى لو تحققت شروطه الشرعية، وكان جائزا فإن هذا لا يمنع الزوج حقه في غيرته على زوجته، بل للرجل أن يمنع زوجته من لبس ما يكره ولو لم يكن به ريبة فكيف إذا كان يرتاب في اللبس الذي تلبسه؟ لا شك أن حقه هنا في منعها من لبسه يكون أوكد.

فللزوج أن يغار على زوجته، فيمنعها من مثل ذلك وإن كان جائزا. فإذا كان للزوج أن يمنع زوجته من النقاب الذي قال بعض الفقهاء بوجوبه فكيف بما هو محل ريبة؟
وعلى الزوجة أن تشكر لزوجها حفاظه عليها، وحبه لها وصيانته لها عن أعين الناس فإن هذا يدل على شديد حبه لها، وعظيم غيرته عليها.

ومن الأدلة التي تؤكد حق الرجل في الغيرة، وواجب المرأة في احترام مشاعر زوجها ما يأتي :
عن جابر بن عبدالله قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم : “بينما أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت : لمن هذا؟ قال : هذا لعمر، فذكرت غيرته فوليت مدبرا، فبكى عمر وهو في المجلس، ثم قال: أوعليك يا رسول الله أغار؟”.

فمن كان يغار فقد اقتفى أثر عمر -رضي الله عنه-، ومن لم يكن يغار فقد اقتفى أثر المنافق رأس النفاق عبدالله بن أبي بن سلول الذي كان يكره فتياته على البغاء لأجل أضيافه، قال تعالى فيه : (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). [سورة النور : 33].

تقول أسماء : تزوجني الزبير وماله في الأرض من مال ولا مملوك ولاشيء غير ناضح وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه، واستقي الماء.. وكنت أنقل النوى من أرض الزبير على رأسي.. فلقيت رسول الله ومعه نفر من الأنصار فدعاني، ثم قال : إخ، إخ، ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبير وغيرته، وكان من أغير الناس، فعرف رسول الله أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير .. فأخبرته، فقال :
والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه. انتهى.

والخلاصة أن اللبس الذي تلبسه الزوجة إذا كان مخالفا للشرع، فإن الزوجة تكون آثمة من ناحيتين :
من ناحية تفريطها في أمر الله.
ومن ناحية عصيانها للزوج.

وأما إذا كان لباسها موافقا لشرع الله تعالى، فإنها تكون آثمة من ناحية عصيانها للزوج فقط.

أما البنطلون فلا يزال محل جدل كبير، فعلى من أرادت أن تلبسه أن تختار بنطالا واسعا فضفاضا، وأن تلبس فوقه سترة طويلة تغطي عجيزتها وأردافها بحيث يصل إلى ما يقارب الركبتين ليتفق مع الحكمة من فرضية الحجاب وهي التستر.

ويقول الشيخ سيد سابق -من كبار علماء الأزهر، وصاحب كتاب فقه السنة مبينا حقوق الزوج، وثواب الزوجة المطيعة- :

من حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية، وأن تحفظه في نفسها وماله، وأن تمتنع عن مقارفة أي شيء يضيق به الرجل، فلا تعبس في وجهه، ولا تبد في صورة يكرهها… وهذا من أعظم الحقوق.

روى الحاكم عن عائشة قالت : “سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الناس أعظم حقًا على المرأة؟ قال : زوجها. وقالت : فأي الناس أعظم حقًا على الرجل؟ قال : أُمه”. ويؤكد رسول الله هذا الحق فيقول: “لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها”. (رواه أبو داود، والترمذي وابن ماجه، وابن حبان).
وقد وصف الله سبحانه الزوجات الصالحات فقال : (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [سورة النساء: 34].

والقانتات أي الطائعات. والحافظات للغيب أي اللائي يحفظن غيبة أزواجهن، فلا يخنه في نفس أو مال.
وهذا أسمى ما تكون عليه المرأة، وبه تدوم الحياة الزوجية، وتسعد.

وقد جاء في الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : “خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها طاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك.
ومحافظة الزوجة على هذا الخلق يعتبر جهادًا في سبيل الله.
روى ابن عباس -رضي الله عنهما- : أن امرأة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت : يا رسول أنا وافدة النساء إليك : “هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فأن يُصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون. ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ فقال الرسول -عليه الصلاة والسلام- : “أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافًا بحقه يعدل ذلك. وقليل منكن من يفعله”.
ومن عظم هذا الحق أن قرن الإسلام طاعة الزوج بإقامة الفرائض الدينية وطاعة الله.
فعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : “إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت” (رواه أحمد والطبراني).
وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه- : “أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض، دخلت الجنة”.
وأكثر ما يدخل المرأة النار، عصيانها لزوجها، وكفرانها إحسانه إليها، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “إطلعت في النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن العشير؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرا قط”. (رواه البخاري).
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح”. (رواه أحمد والبخاري ومسلم).
وحق الطاعة هذا مقيد بالمعروف. فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلو أمرها بمعصية وجب عليها أن تخالفه.
ومن طاعتها لزوجها ألا تصوم نافلة إلا بإذنه، وألا تحج تطوعًا إلا بإذنه، وألا تخرج من بيته إلا بإذنه.
وروى أبو داود الطيالسي عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : “حق الزوج على زوجته ألا تمنعه نفسها، ولو كان على ظهر قتب [قتب: رحل صغير يوضع على ظهر الجمل] وأن لا تصوم يومًا واحدًا إلا بإذنه. إلا لفريضة، فإن فعلت أثمت، ولم يتقبل منها، وألا تعطي من بيتها شيئًا إلا بإذنه فإن فعلت كان له الأجر، وعليها الوزر.. وألا تخرج من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت لعنها الله، وملائكة الغضب حتى تتوب أو ترجع، وإن كان ظالمًا”.