يقول الدكتور عبد الفتاح عاشور، الأستاذ بجامعة الأزهر:

الأحق بالإمامة الأقرأ لكتاب الله، فإن استووا فالأعلم بالسنة، فإن استووا فالأكبر سنا، روى أحمد ومسلم والنسائي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم ) .

ومعنى أقرؤهم أكثرهم حفظا كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليؤمكم أكثركم قرآنا) وروى أحمد ومسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا) .

ومن لا يحسن القراءة عليه أن يترك المكان لمن يحسن ذلك، فقد جرت عادة بعض الناس أن يتقدموا لإمامة الناس مع أن هناك في المسجد من هو أكثر حفظا وأجود تلاوة وأندى صوتا منهم، وهم بذلك أساءوا لأنفسهم حيث أظهروا عجزهم وضعفهم في القراءة، وأساءوا لغيرهم.

ولابد أن ننظر في قراءة من يفعل ذلك: هل كانت من اللحن الجلي والخطأ الواضح الظاهر، وهو الذي يكون بتغيير كلمة أو حرف أو تشكيل ، أو كانت من اللحن الخفي وهو الذي يتعلق ببعض أحكام التلاوة من غنة لم تؤد على الوجه الكامل أو إظهار أو إخفاء أو مد أو قصر لم يأخذ حقه الذي قرر علماء التجويد؟ وهل كان ذلك في الفاتحة أو في غيرها :

فإذا كان في الفاتحة وكان لحنا جليا فهذا لا يجوز، وإن كان خفيا جاز وإذا كان جليا أو خفيا في غير الفاتحة جاز ذلك ، ومع هذا فالأولى أن يتأدب بأدب الإسلام وأن لا يضع نفسه في هذا الموقف أو الموضع لأنه أضاع ثواب صلاته، حيث أم قوما وهم له كارهون، فعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، ورجلان متصارمان ) أي متقاطعان متخاصمان، رواه ابن ماجة.