الإسلام شرع إلقاء السلام على المصلي وغيره، ولكن هل للمصلي أن يرد السلام امتثالا لقوله سبحانه وتعالى :{وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}.
نعم يجوز للمصلي رد السلام على من ألقى عليه السلام، ولكن يرده إشارة لا كلاما.
لأنه لو ردَّ بالكلام لفسدت صلاته.

وقد نصَّ الفقهاء على بطلان صلاة من ردَّ السلام على إنسان للتحية، وذلك لما روى زيد بن أرقم – رضي الله تعالى عنه – قال : { كنا نتكلم في الصلاة , يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت { وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام }.
وأيضًا حديث عن معاوية بن الحكم السلمي – رضي الله تعالى عنه –الذي شمَّت من عطس في الصلاة قال : { بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم , فقلت : يرحمك الله . فرماني القوم بأبصارهم , فقلت : واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم , فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت , فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه . فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني , قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن }

وأيضا ما جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله، كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا، فقال: إن في – أو في – الصلاة لشغلاً.

جاء في كتاب فقه السنة ، تحت باب : ما يجوز في الصلاة:

إلقاء السلام على المصلي ومخاطبته وأنه يجوز له أن يرد بالإشارة على من سلم عليه أو خاطبه: فعن جابر بن عبد الله قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال بيده هكذا، ثم كلمته فقال بيده هكذا (أشار بها) وأنا أسمعه يقرأ ويومئ برأسه.

فلما فرغ قال: (ما فعلت في الذي أرسلتك فإنه لم يمنعني من أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي؟) رواه أحمد ومسلم…ويستوي في ذلك الإشارة بالإصبع أو باليد جميعها أو بالإيماء بالرأس فكل ذلك وارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعلى هذا فلا بأس من إلقاء السلام على المصلي، والمصلي يرد السلام إشارة لا كلاما، وممَّا يقوي جواز الرد بالإشارة ما رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لبلال: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا، وبسط كفه وجعل بطنه أسفل، وجعل ظهره إلى فوق. هذا فيما إذا كان المقصود سلام من هو خارج الصلاة.