يقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- من علماء السعودية:
القيام بالتمثيليات اختلف فيه علماء عصرنا ، فمنهم من يقول : أنه لا يجوز القيام بالتمثيليات إطلاقاً وعللوا قولهم هذا بأن التمثيلية كذب ، لان الرجل الذي يقوم بدور فلان مثلاً ليس هو فلاناً وحينئذٍ يكون كاذباً في دعواه لأن الكذب ما كان خلاف الحقيقة.

وقال بعض أهل العلم : إنه لا بأس بالتمثيليات ، وأنه ليس فيها الكذب ، وذلك لأن الكذب هو الإخبار بخلاف الحقيقة والواقع ، وهذا الرجل ممثل ، وهو لا يقول : إنني فلان نفسه ، ولكنه يقول: أنا أمثل فلاناً ، أي أفعل فعلاً يشبه فعل فلان ، وهذا واقع وحقيقة ، والحاضرون يعلمون كلهم أنه هذا هو المراد بالتمثيلية بخلاف من جاء إليك في بيتك ودق الباب وقال أنه فلان وهو يكذب ، هذا هو الكذب ، أما رجل يقوم بدور إنسان آخر ، فإنه لم يكذب وليس يدعي أنه هو نفسه ، فبناء على هذا لا يكون في المسألة كذب ، ولكن إذا اشتملت التمثيلية على شيء محرم كأن يستلزم تنقص ذوي الفضل فإنها لا تجوز ، وعلى هذا فأرى أن الصحابة رضي الله عنهم لا يمثلون ولا سيما الخلفاء الراشدون منهم.

كذلك إذ تضمنت شيئاً محرماً كما لو قام فيها الرجل بدور المرأة أو المرأة بدور الرجل ، لأن هذا من باب التشبه ، وقد لعن النبي عليه الصلاة والسلام المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.
كذلك إذا اشتملت على محاكاة البهائم والحيوان فإن هذا لم يرد في القرآن والسنة إلا في مقام الذَّم قال الله عز وجل : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ، ولو شئنا لرفعناه بها ، ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب) [الأعراف: 175]
فالمقام هنا مقام ذم، وقال تعالى : ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً ) [الجمعة : 5] هذا مقام ذم ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه “فإذا اشتملت التمثيلية على محرم صارت حراماً من هذا الوجه لا لأنها كذب.
فإذا كانت التمثيلية حلالاً مباحة يبقى النظر في إقامتها في مكان الصلاة ، إذا كان فيها مصلحة ودعوة إلى الإسلام حقيقة فإنه لا بأس به ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أقر الحبشة على أن يلعبوا بحرابهم في مسجده تأليفاً لقلوبهم على الإسلام ، فإذا كانت مصلحة هذه أكثر من مضرتها فإن المصلحة تتبع ، وإذا أمكن أن يجعلوا لهم صالة أخرى فهو أولى وأحسن.